للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فسلمت ثلاثًا ثم انصرفت. قال: قد سمعناك ونحن حينئذ على شغل؛ فلو ما استأذنت حتى يؤذن لك! قال: استأذنت كما سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال. فقال الفاروق -رضي الله عنه-: فوالله لأوجعنَّ ظهرك وبطنك أو لتأتين بمن يشهد لك على هذا. فقال أبي بن كعب: فوالله لا يقوم معك إلا أحدثنا سنًّا؛ قم يا أبا سعيد. فقمت حتى أتيت عمر؛ فقلت: قد سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول هذا".

حديث أبي موسى هذا رواه البخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب الاستئذان، باب التسليم والاستئذان ثلاثًا، ورواه مسلم -رحمه الله- في كتاب الآداب، باب الاستئذان.

أيضًا، قصة أبي بكر -رضي الله تعالى عنه- حين توقف في ميراث الجدة لما جاءته تسأله حقها في الميراث: "قال لها: لا أجد لك في كتاب الله شيئًا، ولا أعلم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قضى لك بشيء؛ أشرنا إلى عظمة كلام أبي بكر -رضي الله عنه- وذكائه وفطنته وأشرنا أيضًا إلى الحديث ومدى دلالته على حجية السنة، بعد أن كان الخليفة الراشد الأول أبو بكر -رضي الله عنه- قد رد المرأة، وقال لها: ارجعي. حتى سأل الناس؛ فقال المغيرة بن شعبة: حضرت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أعطاها السدس. وهي لم يذكر فرضها في القرآن؛ فقال أبو بكر: هل معك غيرك؟ فقام محمد بن مسلمة الأنصاري، وذكر مثل ما قاله المغيرة بن شعبة؛ فأنفذه لها أبو بكر -رضي الله تبارك وتعالى عنه-".

وقصة أبي بكر -رضي الله عنه- رواها أبو داود في كتاب الفرائض باب في الجدة ورواها الترمذي في كتاب الفرائض أيضًا باب ما جاء في ميراث الجدة، وعقب عليه الترمذي -رحمه الله تعالى- فقال: وهذا أحسن وأصح من حديث ابن عيينة، يعني: يرجح إحدى الروايتين؛ لكنه حكم لها بالصحة -على كل حال.

إذن، هذه أدلةٌ، المنكرون لحجية خبر الآحاد يتصورونها أنها أدلة على أن الصحابة لم يقبلوا خبر الواحد.

<<  <   >  >>