ونريد أن نرد على هذه الشبه، ثم نذكر الأدلة على قبول خبر الواحد وهي أدلة كثيرة جدًّا، وسنقف معها مع (رسالة الإمام الشافعي) -رضي الله تعالى عنه- وغيره من الكتب الواردة في هذه الموضوع:
المسألة الأولى:{وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا}(النجم: ٢٨) يقولون: إن هذه الآية قد ذم الله فيها الظن، وبيَّن أنه لا يغني من الحق شيئًا، يعني: من أراد الحق وطلبه؛ فلا يكتفِ بأدلة الظن؛ إنما لا بد له من الوصول إلى القطع واليقين، وأحاديث الآحاد تفيد الظن.
مثل هذه الآيات جمعوها واستدلوا بها، ونريد أن نقول: إن الظن هنا في هذه الآيات هو الذي يوضع في مقابلة اليقين؛ فكأنه نوع من الوهم، وإلا فإن الظن درجة من درجات العلم يبنى عليها، والظن: هو ترجيح أحد الاحتمالين أو هو القول بالعمل الراجح -على تعريفات متعددة للظن عند الأصوليين.
دعونا نستدل من القرآن الكريم على أن الله -تبارك وتعالى- في آيات كثيرة قد اعتبر الظن:
من ذلك مثلًا في سورة البقرة:{وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ * الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}(البقرة: ٤٥ - ٤٦) لم تقل الآية: الذين يعتقدون أنهم ملاقو ربهم،
أيضًا، سورة المطففين:{وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ * أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ}(المطففين:١ - ٥) مع أن إيماننا باليوم الآخر يجب أن يكون معتقدًا مقطوعًا به؛ إلا أن الله -عز وجل- اعتبر الظن هنا درجة كافية في وجوب الإيمان باليوم الآخر؛ بل إن هنا لفتة أشار إليها بعض العلماء حين قال: عبّر الله بالظن في مجال يقتضي اليقين؛ ليبين لنا أنه حتى ولو غلب على ظن الأمة أو غلب على ظن بعض أفراد الأمة أن