والمواضع التي فرقهم عليها، ثم ذكر؛ فبعث قيس بن عاصم والزبرقان بن بدر وابن نويرة إلى عشائرهم لعلمهم بصدقهم عندهم، بعثهم بأوامر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقدِم عليهم وفد من البحرين بعث معهم ابن سعيد بن العاص، وبعث معاذ بن جبل إلى اليمن:((إنك تأتي قومًا أهل كتاب ... )) إلخ، كل هؤلاء بعث بهم واحدًا، ومعاذ بن جبل -رضي الله عنه- مع أدلة أخرى نذكرها؛ ذهب بعقيدة وبأحكام، البعض يتوقف في حديث الآحاد في العقائد.
نعم؛ كل ذلك خبر ثبت بخبر الواحد: معاذ بن جبل لما ذهب إلى اليمن والحديث أيضًا في الصحيحين في أكثر من موطن: ((إنك تأتي قومًا أهل كتاب، فاطلب إليهم أن يشهدوا ألا إله إلا الله وأني رسول الله؛ فإن هم أطاعوا إلى ذلك ... -هذه هي العقيدة: الشهادتان اللتان هما عنوان على دخول المرء في الإيمان- فأخبرهم أن الله تعالى قد افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة؛ فإن هم أطاعوا لذلك فأخبرهم أن الله -تبارك وتعالى- قد افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد في فقرائهم وإياك وكرائم أموالهم؛ واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب ... )) إلخ ما قال، هنا معاذ -رضي الله تعالى عنه- ذهب بعقيدة وذهب بأحكام شرعية، وكل ذلك خبر الواحد يعلمهم ما فرض الله عليهم، ويأخذ منهم ما أوجبه الله عليهم من زكوات وغيرها، وهم يعرفون معاذًا ويعرفون صدقه وأمانته وأنه صادقٌ في كل ما أخبر به عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
أيضًا من الأدلة التي ذكرها الإمام الشافعي: أرسل أمراء سرايا إلى كثير من البلاد، وقد بعث بعث مؤتة وولّاه زيد بن حارثة وهو واحد؛ وإن أصيب فجعفر وإن أصيب فابن رواحة، وبعث ابن أنيس بسرية وحده، وكل أمير سرية يعتبر حاكمًا فيما بعثه فيه: يصلي بهم، ويعلمهم أمور دينهم، ويقودهم في الحرب، وعليهم أن يسمعوا له وأن يطيعوا، وهذا حقه عليهم؛ فرسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: