((من أطاع أميري فقد أطاعني؛ ومن عصى أميري فقد عصاني)) وقد كان يمكنه أن يبعث أكثر من رسول إلى جهة ما؛ لكنه كان يبعث واحدًا، وبعث إلى ملوك الأرض ورؤسائها يدعوهم إلى الإسلام: بعث إلى هرقل عظيم الروم، وبعث إلى كسرى عظيم الفرس، وبعث إلى المقوقس عظيم مصر، وبعث إلى النجاشي ... وبعث إلى غيرهم.
يقول الإمام الشافعي: بعث في دهر واحد -أي في وقت واحد- اثني عشر رسولًا إلى اثني عشر ملكًا يدعوهم للإسلام، ولم يبعثهم إلا إلى من قد بلغته الدعوة وقامت عليه الحجة فيها ... إلى آخر ما قال -رحمه الله تعالى-.
إذن، هم أيضًا ذهبوا بعقيدة، وكانت رسالتهم إلى الملك من الملوك يقول له:((اسلم تسلم يأتيك الله أجرك مرتين -إذن هي دعوة العقيدة- فإن توليت فإنما عليك إثم الأريسيين)) كتب بذلك إلى هرقل، وكتب به إلى كسرى، وإلى غيرهم من الملوك الذين بعث إليهم، وها هو الإمام الشافعي -رحمه الله تعالى- يقول: إنهم كانوا اثني عشر ملكًا.
يقول الإمام الشافعي: ولم تزل كتب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تنفذ إلى ولاته بالأمر والنهي، ولم يكن لأحد من ولاته ترك إنفاذ أمره، ولم يكن ليبعث رسولًا إلا صادقًا عند من بعثهم إليهم ... لا يسع أحدٌ أن يترك أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- والمبعوث إليهم أيضًا ما داموا قد صدقوا الرسول الذي جاءهم فهو حجة عليهم ... إلخ.
وسار المسلمون هكذا بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فاستخلفوا أبا بكر -رضي الله تعالى عنه- ثم استخلف أبو بكر عمر، ثم استخلف عمر أهل الشورى ليختاروا واحدًا ... إلى آخر الأدلة الواردة في هذا.
إذن، الولاة ينفذهم أيضًا من القضاة وغيرهم: يقضون فتنفذ أحكامهم ويقيمون