يعني: كيف يُمهِل الله نبيه موسى إلى أجل آخر، ولو اختاره فماذا يكون الحل، والمفترض أن الآجال محددة؟
أيضًا: هل يستأذن ملك الموت أحدًا قبل قبض روحه؟ إذا كان هذا لا يحدث فلماذا كان المفترض أن يحدث هذه المرة هنا؟
هذه بعض الإشكالات وبعض الشُّبَه التي أثارها المثيرون حول هذا الحديث قديمًا وحديثًا، والذين ينفخون في مثل هذه الشُّبَه الآن يتصورون أنهم أتوا بما يُوقِع العلماء، أو بما يوقع الدنيا في حيص وبيص ولن نستطيع أن نَرُدّ على ذلك.
أول شيء في الرد:
أن ملك الموت جاء لسيدنا موسى على هيئة رجل، وسيدنا موسى ظن أنه رجل يريد إيذاءَه، هو لم يقل له: إني ملك الموت وجئت لأقبض روحك، إنما الرواية التي معنا -كما قرأناها- هذا أولها:((أرسل ملك الموت إلى موسى -عليه السلام- فلما جاءه صكَّه، فرجع إلى ربه فقال: أرسلتَنِي إلى عبد لا يريد الموت)) إذن جاء الملك على هيئة رجل.
ونقف مع مجيء الملك على هيئة رجل أولًا، فهذا أمر وارد وثبت بالأدلة بالنسبة لسيدنا النبي -صلى الله عليه وسلم- في قصص كثيرة، وأشهرها الحديث المعروف عند المحدثين باسم حديث جبريل -عليه السلام- وهو المرويّ، صدَّر به الإمام مسلم صحيحه:((بينما نحن جلوس ذات يوم عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يُرَى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحدٌ، فجلس إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى أسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع يديه على فخِذيه، وقال: يا محمد، ما الإيمان؟)) ... إلى آخره، سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الإيمان، وعن الإسلام،