للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ} (القصص: ١٥) سيدنا موسى وكزه، لم يضربه بآلة قاتلة، ولم يضربه ضربًا شديدًا، رزقه الله القوةَ، هذه لحِكَم أخرى، وعلى رأسها أنه يتعامل مع قوم متعِبين مرهِقين جدًّا، بنو إسرائيل هؤلاء رأى منهم سيدنا موسى ما لا يحتمل وما لا يُتَصَوّر، لكن لأمور أرادها الله تعالى كان سيدنا موسى قويًّا جدًّا فوكزه، إذا أحد منا وكز إنسانًا آخر، هل هذه الوكزة تقضي عليه؟ لكنها بالنسبة لسيدنا موسى لأنه كان قويًّا قضت عليه، فلعل سيدنا موسى لَطَمَهُ لطْمةً لا يقصد بها أن يفقأ عينه فحدث ذلك.

أما قضية: هل الملك له عين، فهل تفقأ؟

قلنا: إن الملك إذا أخذ هيئة البشر حُكِمَ بقانونها؛ فيُصبِح له عين، وله أرجل، وله أيدٍ، ومن الممكن أن يُلحِق الأذى بأيّ عضو من هذه الأعضاء، لأنه في الحالة التي تخلَّق فيها على هيئة البشر، أو أخَذَ في هيئة البشر، يُحْكَم بقانون البشر؛ فيتعرض لما يتعرض له البشر من كل شيء، هذا أمر قرره العلماء والأدلة قامت عليه، يمشي ويركب، ويلبس الثوب الأبيض، ويتكلم باللسان العربي الفصيح، كما جاء مع سيدنا النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يُرَى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد، وجلس كما يجلس البشر جميعًا، وأسند ركبتيه إلى ركبتَي النبي -صلى الله عليه وسلم- ووضع يديه على فخذَي النبي -صلى الله عليه وسلم- وسأله: يا محمد ... )) إلى آخره، ثم انصرف بعد أن قال الأسئلة التي أراده الله -عز وجل- أن يقولها.

إذن جاء الملك على هيئة بشر، لم يخبر سيدنا موسى بأنه ملَك الموت، سيدنا موسى ظنَّه رجلًا يريد إيذاءَه، فدفعه عن نفسه، هذه الدَّفعة كانت قويةً من غير

<<  <   >  >>