إذن، هذا كلام النبي -صلى الله عليه وسلم، وهذا إجماع الأمة وسلفها الصالح من لدن الصحابة، ومرورًا بالعصور التالية كلها، وإلى عصرنا هذا، وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، ستظلّ الأمة تعمل بالسنة المطهّرة، وتعرف دورها مع القرآن الكريم على الوجه الذي ذكرنا؛ بل إننا نستطيع أن نقول من غير مبالغة: إن القرآن الكريم نفسه تنبَّأ بوجود هذه الطائفة التي ستقف من النبوة نفسها، ومن كلام النبي -صلى الله عليه وسلم- موقف العداء والمعاندة والمشاققة، يعني: مثلًا حين نقول: قال الله تبارك وتعالى: {فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ}، والآية التي قبلها:{وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ}، {فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} الذين يقولون بالاكتفاء بالقرآن الكريم فقط هؤلاء يعاندون هذه الآية وغيرها ووجه المعاندة واضح، الله تعالى يقول في هذه الآية:{وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} ولذلك نحن ذكرنا استدلال الدكتور مصطفى الأعظمي بهذه الآية على ما سماه هو سلطة النبي -صلى الله عليه وسلم- التشريعية؛ يعني: النبي -صلى الله عليه وسلم- يُشرِّع، وما دام النبي -صلى الله عليه وسلم- يشرع؛ فالأمة يجب عليها أن تسمع وأن تطيع لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
لو كان الله -عز وجل- لم يعطِ لرسوله سلطة التشريع على حدِّ تعبير الدكتور الأعظمي هل كان لقوله:{وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} فائدة؟ أعوذ بالله من هذا الفهم الذي قد يتردَّى بصاحبه إلى دوائر الكفر من حيث يشعر أو لا يشعر، ونسأل الله -عز وجل- السلامة، ونسأله الهداية أيضًا لكلِّ متعثّر استحوذ عليه الشيطان؛ فأنساه الحق وأعماه عن القرآن وعن السنة، ووقف منها موقف المعاند الجاحد، والعياذ بالله تبارك وتعالى.
هذا وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه.