للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الاختلاط أو الالتباس؛ أي: لا ندري ما البقرة المراد ذبحها. هذا من المعنى الثاني الذي نحن بصدده.

في سورة البقرة أيضًا: {وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} (البقرة: ١١٨) معناها: تشابهت قلوبهم مع قلوب الذين كانوا قبلهم، فقالوا قولًا واحدًا، تشابهوا في العمى والضلال والتكذيب للأنبياء والبعد عن الحق.

هذا هو وجه الشبه الذي جمع بين الأولين والآخرين في موقفهم من رسل الله، ومن رسالات الله التي جاء بها هؤلاء الرسل إلى أقوامهم؛ ليخرجوهم من الظلمات إلى النور.

في سورة آل عمران: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ} (آل عمران: ٧) إلى آخر الآية، الله -عز وجل- أنزل الكتاب الكريم منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فمن كان في قلبه ضلال وزيغ فيتتبَّع المتشابه؛ يفسره على هواه ابتغاء الفتنة، ومن كان في قلبه إيمان ردَّ المتشابه منه إلى المحكم.

المتشابه في القرآن الكريم له تفسيرات متعدّدة: الذي لا يعلم تأويله إلا الله هذا معنى اختاره ابن حجر -رحمه الله تعالى- في (الفتح) في كتاب التفسير، كما سنشير الآن إلى بعض الأحاديث الواردة في السنة، هل هو المتشابه الذي يحمل وجوهًا متعددة من الفهم، أو من التأويل، أو التفسير؟ هل هو المتشابه الذي قد تَعِيَ بعض العقول عن فهمه؟

<<  <   >  >>