هذه الآية خطيرة جدًّا، فيها قسم من الله -تبارك وتعالى، وأسلوب القسم يتكوَّن من أربعة أركان: مُقْسِم ومُقْسَم به، ومُقْسَم عليه، وأداة قسم، المُقسم: هو الله تعالى، والمقسَم به أيضًا هو الله -تبارك وتعالى-، من وجوه الخطورة في الآية اتَّحد المقسم والمقسم به، وأيضًا هي من المرات القليلة التي أقسم الله -تبارك وتعالى- فيها بذاته بنفسه.
ما هي القضية المقسم عليها؟ {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ} لا هنا نافية، بدلالة رفع الفعل المضارع بعدها بثبوت النون، وهو من الأفعال الخمسة، وهي لا تصلح من ناحية المعنى إلا أن تكون نافية، لا تصلح هنا أن تكون ناهية، عن أي: شيء ينهاهم، إنما هي نافية تنفي الإيمان.
{فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ}{حَتَّى يُحَكِّمُوكَ} يا رسول الله في كل ما شجر بينهم، في كل شأن من شئون حياتهم، كما نرى التزمت ببيان الآيات وبيان دلالتها؛ لنستشعر خطورة المسألة.
{فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} لم تتوقف الآية عند هذا الحد ولم تكتف بهذا القدر إنما انظر إلى الباقي {ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} لا يجدوا في أنفسهم حرجًا، أي ضيقًا أو رفضًا أو إباء، أو تمنعًا مما قضيت ليس نفي الحرج فقط هو المطلوب، بل والتسليم والخضوع التام بحكم النبي -صلى الله عليه وسلم.
بل إني أقول والله الذي يتذوق الإيمان يقبل على حكم النبي -صلى الله عليه وسلم- بسعادة بفرح بحمد لله على نعمة أن وفقه الله -عز وجل- إلى حسن الاتساء والاقتداء برسول الله -صلى الله عليه وسلم.
لماذا اشترط الله -عز وجل- علينا ضرورة الرضا بهذا الحكم؟ لا نجد في أنفسنا حرجًا، بل علينا أن نخضع له؟