أيضًا، في سورة النساء حين تحدثت الآيات الكريمة عن قضية المواريث:{يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ}(النساء: ١١) ختم الله الآيات بعد ذلك {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ}؛ إشارة إلى كل ما ذكره من تفصيلات في الميراث، وإياك أن تُعرض عن حدود الله، {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ}(النساء: ١٣، ١٤) إشارة إلى الحدود، تشريعات من الله -عز وجل-، لا يجوز لنا أن نتجاوزها، وتشريعات من النبي -صلى الله عليه وسلم- في المواريث وفي غيرها، هذا ما حدَّه الله تعالى، وهذا ما حدَّه رسوله -صلى الله عليه وسلم-، ما بيَّنه للأمة، على الأمة أن تقول: سمعنا وأطعنا، ولذلك مُدح المؤمنون بأنهم وقَّافون عند حدود الله، محافظون عليها، مستجيبون لها، مستمسكون بها، لا يحيدون عنها قيد أنملة، في سورة التوبة:{التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ}(التوبة: ١١٢){وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ} أي: الذين يستجيبون لحكم الله -تبارك وتعالى-، وحكم نبيه -صلى الله عليه وسلم-، فيأتمرون بما أمر به وينتهون عما نهى عنه.
وفي سورة النساء أيضًا:{وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا}(النساء: ١١٥) كيف تكون مشاققة الرسول ومعاندته ومحاددته؟ بالإعراض عن سنته، بعدم الاستجابة لأمره، ولن يشفع لأي متقوّل -حتى لو قال: آمنت بالله وبرسوله- ما لم يعضد قوله بالتنفيذ والاستجابة لحكم الله -تبارك وتعالى- وحكم النبي -صلى الله عليه وسلم-.