"ولتجلسوا حتى يعلم من لا يعلم، فإن العلم لا يهلك حتى يكون سرًّا".
هذه الرواية وغيرها أيضًا كما سيأتي عرضا أثناء الشرح استند إليها من يريد أن يهاجم السنة، ما وجه استناده لها؟
يقولون: إن هذه الرواية تفيد أن السنة المطهرة لم تدون إلا في مطلع القرن الثاني الهجري؛ لأن أول من أمر بتدوينها هو الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز -رضي الله تعالى عنه- وكما ذكرنا فهو قد تولى الخلافة سنة ٩٩ هـ وتوفي رحمه سنة ١٠١ هـ يعني مع نهاية القرن الأول الهجري، ومعنى ذلك من وجهة نظره هؤلاء الشانئين أن السنة قد تأخر تدوينها قرنًا كاملًا أو قرابة القرن.
تعلقهم بهذه الرواية واضح؛ لأنهم يتصورن أن هذه الرواية تخدمهم في أغراضهم من الهجوم على السنة والتشكيك فيها، يطرحون سؤالًا فيقول: إن السنة إذا كانت قد تأخر تدوينها إلى مطلع القرن الثاني الهجري، فأين كانت طوال القرن الأول الهجري كله؟ أين السنة منذ أن قالها النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى أن أمر عمر بن عبد العزيز -رضي الله عنه- بتدوينها؟
نقول لهم: محفوظة في الصدور مثلًا قالوا لك: إن الحفظ خوان، ونحن لا نأمن الحفظ؛ لأنه قد يطرأ عليه النسيان، وكما يقول أسلافنا -رحمهم الله- آفة العلم النسيان، وقد يطرأ عليها الوهم أو الخطأ، وكل ذلك يؤدي إلى احتمال الزيادة والنقصان، والتغيير والتبديل إلى آخره.
وكأنهم وقعوا على كنز ثمين يوجهون من خلاله سهامًا يعني إلى السنة، يعني نقول في الرد على هذه الشبهة، وهي تحتاج إلى رد تفصيلي، سنحاول أن نختصره بقدر الإمكان بإذن الله -تبارك وتعالى-.