الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد، وعلى آله وأحبابه وأصحابه وأزواجه الطيبين الطاهرين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، ثم أما بعد:
فبعون من الله -تبارك وتعالى- وتوفيقه نكمل الكلام عن بقية الأدلة على حجية السنة المطهرة:
ذكرنا الأدلة من القرآن الكريم، وذكرناها من السنة المطهرة، وقلنا: إن هناك دليل الإيمان، وخلاصته أن الإيمان لا يتم، وقد لا ينعقد إلا إذا اعتقد المسلمون حجية السنة، وحكموا الرسول في كل ما شجر بينهم، وهذه قضية أقسم الله تعالى عليها بذاته الشريفة {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ}(النساء: ٦٥) من هذه الآية ومن غيرها من الآيات التي تعلق الإيمان على اتباع النبي -صلى الله عليه وسلم- استنبط العلماء وأخذوا الدليل على حجية السنة، وأسموه دليل الإيمان.
مثلًا في سورة النساء -وهذه آيات تعرضنا لها حينما كنا نستعرض الأدلة من القرآن الكريم- {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ}(النساء: ٥٩) فيعلق القرآن الكريم الإيمان على اتباع السنة، وفي الآية الأخرى يبين أن الإيمان لا يتم، ولا ينعقد إلا إذا حكموا الرسول في كل ما شجر بينهم وهكذا.
إذن هناك دليل الإيمان الذي نقول مرة أخرى إن خلاصته أن الإيمان لا يتم، ولا ينعقد إلا إذا حكم المؤمنون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مع الله تعالى في كل شأن من شئون حياتهم، والآيات في هذا واضحة جلية.
وأيضًا الأحاديث التي أشرنا إليها مثل ((كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى. قالوا: ومن يأبى يا رسول الله؟ قال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى)) كل هذه الأدلة تبين أن الإيمان يحتم على أتباعه وعلى أبنائه، وعلى أصحابه أن يحكموا النبي -صلى الله عليه وسل م- في كل شأن من شئون حياتهم.
أيضًا هناك دليل العصمة الذي قلنا أيضًا أن خلاصته أن الأمة أجمعت على عصمته -صلى الله عليه وسلم- عما يخل بالتبليغ يعني عصمه الله -عز وجل- أن يقصر في شيء من أمور التبليغ، وهذه أيضًا مسألة ثبتت بالقرآن الكريم {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ}(المائدة: ٦٧) والنبي -صلى الله عليه وسل م- في حجة الوداع أشهد الأمة على أنه قد بلغ في خطبته البليغة التي خطبها يوم عرفة:((اللهم قد بلغت اللهم فاشهد اللهم فاشهد)) بعد أن علم الأمة أنهم مسئولون عنه -صلى الله عليه وسل م- فماذا أنتم قائلون؟ شهدوا أنه قد أدى وبلغ، فالنبي -صلى الله عليه وسل م- قام بالتبليغ.
فبما أنه معصوم من الإخلال بأمر من أمور التبليغ، وإلا لو كان هناك إخلال لما