الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد، وعلى آله وأحبابه وأصحابه وأزوجه الطيبين الطاهرين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، ثم أما بعد:
فنستطيع أن نقرر بعد كل هذا الاستعراض أن العصر النبوي الكريم لم يكد ينتهي إلا وقد شرع في تدوين السنة، بل بفضل الله -عز وجل- تم تدوين جزء منها في صحائف وكتب نستطيع أن نقرر أن هذه حقيقة علمية توصل إليها كثير من الباحثين.
يقول أستاذنا الشيخ سيد صقر -رحمه الله تعالى- في أول سطور تحقيقه لكتاب (فتح الباري) طبعة الأهرام التي أشرنا إليها قبل: "من الحقائق المطوية في الكتب أن الأحاديث النبوية قد دونت في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- وفي حياة صحابته، فكان لبعض الصحابة كتب تشتمل على ما سمعوا من أحاديث كتبوها بأيديهم، وكتبها عنهم من سمعها منهم، وقد شارك الرسول -صلى الله عليه وسلم- في تدوين سنته بإملائه على كتّابه ما أملى، من كتب في الفرائض وغيرها، أو أرسلها إلى من رأى إرسالها إليهم؛ لتكون تبصرة وتذكرة فيما افترض من ألوان أو فيما افترض من ألوان الفرائض أو أدبهم به من سنن الأدب" هذا كلام الشيخ في أول تحقيق للكتاب.
يقول الدكتور محمد عجاج الخطيب، وله رسالته التي حصل بها على درجة التخصص في "الماجستير" كانت في هذا الموضوع من كلية دار العلوم، وأصبحت مرجعًا هامًا متداولًا في الأسواق الآن، جزاه الله تعالى خيرًا عنها، عن قضية تدوين السنة بالذات، عنوان الرسالة "السنة قبل التدوين" يقول في تعليقه على صحيفة همام: "ولهذه الصحيفة أهمية تاريخية في تدوين الحديث الشريف؛ لأنها حجة قاطعة، ودليل ساطع على أن الحديث النبوي كان قد دون في عصر مبكر، وتصحح الخطأ الشائع أن الحديث لم يدون إلا في أوائل القرن الثاني الهجري".