الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد، وعلى آله وأحبابه، وأزواجه الطيبين الطاهرين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، ثم أما بعد:
فنعلم جميعًا -أهل السنة والجماعة- أن السنة المطهرة هي المصدر الثاني للتشريع بعد كتاب الله تعالى، هذا أمر أجمع عليه علماء الأمة قديمًا وحديثًا لم يخالف في ذلك إلا من لا حظّ له في الإسلام، نسأل -عز وجل- السلامة.
معنى كون السنة هي المصدر الثاني للتشريع: أنها واجبة الاتباع، وأنها في ذلك مثل القرآن الكريم سواءً بسواء. هناك من يشكك في هذه القضية، ويحاول أن يثير بعض الشبهات حول هذه المسألة، والغرض في النهاية -كما قلنا- هو الطعن في الشريعة الإسلامية التي ختم الله بها كل الديانات، ولن يرضى من عباده بعد مجيء الإسلام إلا دين الإسلام، قال الله تعالى:{إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ}(آل عمران: ١٩)، وقال -سبحانه وتعالى-: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}(آل عمران: ٨٥).
ما معنى حجية السنة؟ معناها: أن السنة حجة، وأنه يجب العمل بها؛ فهي حجة من حجج الله تعالى على خلقه، مصدر من مصادر التشريع بعد القرآن الكريم، أو هي المصدر الثاني للتشريع بعد القرآن الكريم. هذه القضية، وهي قضية حجية السنة أستطيع أن أقول عنها: إنها قضية قرآنية، وقضية إيمانية، وقضية عقدية.
هي قضية إيمانية؛ لأنها جزء من إيمان المؤمن الذي لن يتم إيمانه إلا بهذا الأمر، وهي أيضا قضية عقدية بمعنى: أنه يجب على المسلم أن يعتقد اعتقادًا جازمًا قاطعًا أن السنة حجة علينا، وأنه يجب العمل بها، كما يجب العمل بالقرآن الكريم تماما. هذا معنى كونها قضية عقدية.