الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وأحبابه، وأصحابه وأزواجه الطيبين الطاهرين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، ثم أما بعد:
فنواصل كلامنا عن بقية أدلة السنة الدالة على ضرورة اتباع السنة المطهرة.
العلماء أشاروا -ومنهم ابن حزم، ومنهم الشيخ عبد الغني عبد الخالق -رحمه الله تعالى- في كتابه (حجية السنة) - إلى أدلة كثيرة تحتم اتباع السنة المطهرة، منها دليل الإيمان.
دليل الإيمان معناه أن كل الآيات، وكل الأحاديث بينت أننا لن ينعقد إيماننا، ولن يتم إلا إذا حكّمنا الرسول -صلى الله عليه وسل م- في كل شأن من شئون حياتنا.
مرت بنا هذه الآيات، وهذه الأحاديث في الدرسين الماضيين، لكن لأن العلماء جعلوه دليلًا مستقلًّا وهو دليل الإيمان، فإننا نشير إليه في عجالة، حين يقول الله -تبارك وتعالى- {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}(النساء: ٥٩) نرى هنا أن الله -تبارك وتعالى- في القرآن الكريم قد علق الإيمان على رد التنازع إلى القرآن وإلى السنة، وكما قلت: نادنا أولًا بصفة الإيمان {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}(النساء: ٥٩).
ف الله تعالى يطلب أن نطيع الرسول، وقبل ذلك طلب بنا أن نؤمن بالرسول -صلى الله عليه وسل م- في قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ}(النساء: ١٣٦) وفي قوله تعالى: {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}(الأعراف: ١٥٨) فمقتضى ذلك أن نؤمن بالله ورسوله لأن الله -تبارك وتعالى- طلب من الإيمان بذلك {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ}