مقتضى ذلك أن نؤمن بالله وبالرسول، ثم إن الإيمان يقتضي الإيمان التصديق بكل ما جاء به هذا الرسول، إن حدث عكس ذلك؛ يعني هب أن واحدًا مثلًا يزعم أنه آمن بالرسول ثم لم يؤمن ولم يصدق بكل ما جاء به هذا الرسول، هل تسلم له قضية الإيمان هذه؟ لا يمكن؛ لأنه جزء من إيماننا بالرسول -صلى الله عليه وسل م- أن نؤمن وأن نصدق بكل ما جاء به هذا الرسول، من القرآن من السنة، كل ما جاءنا به نصدقه، وإلا فلن يكون هناك مؤمن، بل لن تنسجم قضية الإيمان أصلًا إذا شك أو ارتاب أحدنا في شيء مما جاء به الرسول -صلى الله عليه وسل م-.
إذن هي قضية واضحة جدًّا، أولًا: أن الله علق الإيمان على طاعتنا للرسول -صلى الله عليه وسل م-. وقبل ذلك طلب منا أن نؤمن بالله وبرسوله -صلى الله عليه وسل م- وأنه ينبغي أن يكون في ذهن كل مؤمن أنه لن يكون مؤمنًا حقًّا إلا إذا صدق الرسول في كل ما أخبر به.
ولا ينسجم -كما قلنا- أن يتصور أحد أنه مؤمن ثم هو يكذب ببعض ما جاء به رسول الله -صلى الله عليه وسل م- إذن كيف تؤمن به؟ وما معنى أنك تؤمن أو مصدق بأنه رسول؟ تصديقك بأنه رسول يعني هو من عند الله -تبارك وتعالى- ويخبر عن الله تعالى.
يقول الإمام الشافعي -رحمه الله تعالى- في (الرسالة) وهي بتحقيق الشيخ أحمد شاكر -عليه رحمة الله- وقد رقم فقراتها، في الفقرة ٢٣٩ وما بعدها يقول الإمام الشافعي -رحمه الله-: "فجعل كمال ابتداء الإيمان الذي ما سواه تبع له أول شيء في خطوات الإيمان، وكل شيء بعده تبع له. فجعل كمال ابتداء الإيمان الذي ما سواه تبع له الإيمان بالله ثم برسوله، فلو آمن عبد به -أي بالله تعالى- ولم يؤمن برسوله لم يقع عليه اسم كمال الإيمان حتى يؤمن برسوله معه".
لعل الإمام الشافعي -رحمه الله تعالى- يقصد بكمال الإيمان هنا أي: كمال