يعني: مثلًا الله تعالى في أول آيات سورة "المنافقون": {إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُون}(المنافقون: ١) هم كاذبون رغم قولهم المطابق للواقع وهو أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رسول:{إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ} هذا قول حقيقي، ولذلك قال الله تعالى في جملة اعتراضية للاحتراس:{وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ}، ثم عقب فقال:{وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُون} لماذا هم كاذبون مع اتفاق خبرهم مع الواقع؟ لأنه مخالف لما يعتقدونه، ومعلوم أن أهل النفاق يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر -والعياذ بالله-.
إذن، الاهتمام بتصحيح الأخبار، تحريم الكذب، بيان مدى مطابقتها للواقع من عدمه، الاهتمام بأحوال النقلة، وضع القواعد المقررة لتمحيص الروايات سواء لدارسة الإسناد أو المتن، أيضًا يعلمون أن مرجع الأحكام الشرعية هي إلى القرآن وإلى السنة المطهرة؛ فلذلك اشتدت العناية جدًّا بهما وبكل الطرق الموصلة إليهما من إسناد وغيره.
وقلنا: إن اتصال السند إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من غير انقطاع ولا إعضال ولا أي نوع من أنواع الخلل، إنما هو من خصائص هذه الأمة التي تميزت به على غيرها من الأمم.
الأصل في الرواية هو الرواية باللفظ
إن الأصل في الرواية هو الرواية باللفظ:
أرجو أن ننتبه إلى هذه المسألة، يعني: حين ننقل خبرًا من الأخبار فإن الأصل هو أننا ننقلها بلفظها، ضرورة التمسك باللفظ هذه مسألة متفق عليها، وأرجو ألا يخدعنا أحد عن أنفسنا، يعني: حتى الذين أجازوا الرواية بالمعنى -وهي مبحثنا في هذا الدرس- متفقون على أن الأصل هو أن يروي الحديث بلفظه كما هو من غير زيادة ولا نقصان، هذا منهج علمنا إياه الصحابة -رضوان الله عليهم- ووعته الأمة جيدًا وتعاقبت عليه الأجيال في التطبيق العملي.