الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد، وعلى آله وأحبابه، وأصحابه، وأزواجه الطيبين الطاهرين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، ثم أما بعد:
فنختم الكلام عن خبر الآحاد، وفي يقيني أن الكلام عنه يحتاج إلى أكثر من ذلك؛ لأنه من الأمور الهامة جدا في قضية السنة سواء من ناحية الاحتجاج بها أو من ناحية من أثاروا الشبه حولها، ذكرنا مرارًا أن أكثر من خمسة وتسعين بالمائة من أحاديث السنة هي: أحاديث آحاد، ولذلك فإن الذين يشككون في حجية خبر الآحاد نقطع بأنهم يريدون تضييع الدين، وتضييع الإسلام؛ لأن القرآن الكريم لا نستطيع أن نفهمه إلا في ضوء السنة، وهذا أمر كررناه كثيرا، والسنة معظمها آحاد لو نشك في أحاديث الآحاد ولا نعمل به لن نفهم القرآن، فضاع القرآن وضاعت السنة، وبالتالي ضاع الإسلام، وهذا هدفهم الذي يسعون إلى تحقيقه، والعياذ بالله ولن يتمكنوا من ذلك أبدًا.
الإمام الشافعي ـ رحمه الله تعالى ورضي عنه- في كتابه الماتع العظيم كتاب:(الرسالة) عقد فصلا عظيما تحت عنوان: "الحجة في تثبيت خبر الواحد" يبدأ من ص ٤٠١ في الطبعة التي حققها العلامة الشيخ أحمد شاكر ـ رحمه الله تعالى- ووضع لها أو لفقراتها أرقامًا من الفقرة ١١٠١.
قال الشافعي -رحمه الله تعالى-: فإن قال قائل: اذكر الحجة في تثبيت خبر الواحد بنص خبر أو دلالة فيه أو إجماع. يعني إذا قال قائل: اذكر لنا الحجة في تثبيت خبر الواحد أي في ثبوته، وفي وجوب العمل به بنص خبر أو دلالة في خبر تدل على ذلك إن لم يكن بالنص القاطع أو إجماع انعقد على هذا، سرد كثيرا من الأدلة، فقلت له: أخبرنا سفيان عن عبد الملك بن عمير عن عبد الرحمن بن