هذه التي ناقشناها غير قضية وجوب العمل به، وهذا أمر قد يشتبه على بعض المشتغلين بعلوم السنة يخلطون بين قضية العمل بحديث الآحاد، وبين الدرجة التي يفيدها خبر الآحاد من العلم، الفريقان الرئيسان اللذان أشرنا إليهما، هي أن يعني يفيد الظن أو يفيد القطع، الفريقان معًا مجمعان على وجوب العمل بخبر الآحاد حتى الذين يقولون بإفادته بالظن، وأحيانا أجد في بعض كتب أو في بعض أقوال من يعارض في هذا الذين يثيرون الشبه الآن احتجاجا بجزئيات يموهون بها علينا مثل قضية إن بعض المذاهب تقول: إن خبر الآحاد -مثل الأحناف مثلا- إذا كان حديث الآحاد متضمنًا أمرا زائدًا على القرآن، فإننا نتوقف في قبوله هم يتوقفون في هذا الأمر في جزئية صغيرة البعض يأخذها، ويصورها على أن الأحناف لا يعملون بخبر الآحاد، وكأنه يريد أن يؤيد وجهة نظره بأن بعض المذاهب الإسلامية تقول بمثل ما يقول، وأنه ليس بدعًا في هذا الأمر، لا هذا خداع، هم يتكلمون في جزئية مثلا، وأنا هنا ـ ـ أضرب مجرد مثال الزاني البكر أي: الذي لم يسبق له زواج هذا نجلده مائة جلدة، هذا الحكم ثابت بالقرآن الكريم {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ}(النور: ٢).
جاء حديث عبادة بن الصامت -رضي الله تعالى عنه- عند الإمام مسلم:((خذوا عني خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا الثيب بالثيب كذا، والبكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام)) الحديث تضمن أمرًا زائدًا بالتغريب زيادة عن الجلد، هم يتوقفون في مثل هذا، حجتهم أن القرآن متواتر وأن حديث الآحاد أقل في الثبوت من القرآن فما دام تضمن أمرًا زائدًا نتوقف في هذا الأمر، ولذلك لا يقولون بالتغريب، أنا هنا لا أناقش سلامة