قلت: جاء ابن حجر، وأفاد بأن خبر الآحاد التي التفت به قرائن أكسبته مزيدا من القوة أيضًا، تلتحق بأحاديث الصحيحين مثل: الحديث المسلسل، والمشهور من طرق متعددة إلى آخره، وجاء المتأخرون.
وكما قلت يؤيدون ذلك بأن ليس الأمر مقصور على الصحيحين فقط، أو على ما حتى الذي يحتفظ بقرائن، فنجد الشيخ شاكر مثلا يقول: "والحق الذي ترجحه الأدلة الصحيحة ما ذهب إليه ابن حزم، ومن قال بقوله من أن الحديث الصحيح يفيد العلم القطعي سواء كان في أحد الصحيحين أم في غيرهما، وهذا العلم اليقيني نظري برهاني لا يحصل إلا للعالم المتبحر في الحديث، العارف بأحوال الرواة والعلل، وأكاد أوقن أنه هو مذهب من نقل عنه البلقيني ممن سبق ذكرهم، وأنهم لم يريدوا بقولهم ما أراد ابن الصلاح من تخصيص أحاديث الصحيحين بذلك، وهذا العلم اليقيني يبدو ظاهرًا لكل من تبحر في علم من العلوم، وتيقنت نفسه بنظريته، واطمأن قلبه إليها، أو ودع عنك تفريق المتكلمين في اصطلاحاتهم بين العلم والظن، فإنما يريدون بهما معنى آخر غير ما نريد، هذا كلام الشيخ شاكر عليه -رحمة الله- في (الباعث الحثيث) عند الكلام عن الحديث الصحيح في ص ٣٧، ونحن سننقل أيضا مزيدا من أقوال العلماء في هذه المسألة عند ردنا على بعض الشبه التي أثارها الأعداء أو من أثارها ضد السنة، وضد أهلها وضد الاحتجاج بها.
خلاصة الأمر أنني ناقشت الآن قضية ماذا يفيد خبر الآحاد من العلم استعرضت آراء العلماء، وأن المسألة فيها رأيان رئيسان:
إفادته للظن، وابن عبد السلام، والإمام النووي وغيرهم قالوا بهذا، وكثير من العلماء قالوا بغير هذا على تفاوت في أقوالهم.