والخليفة الأول أبو بكر الصديق -رضي الله تعالى عنه- كتب شيئًا من السنة أيضًا، فقد روى البخاري -رحمه الله تعالى- بسنده إلى أنس بن مالك -رضي الله تعالى عنه- أن أبا بكر -رضي الله عنه- كتب له فريضة الصدقة التي أمر بها الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-: "من بلغت عنده من الإبل صدقة الجذعة، وليست عنده إلا حقة فإنها تقبل منه". وتفاصيل مقادير الزكاة طويلة، وهذا أيضًا رواه البخاري في كتاب الزكاة، باب زكاة الإبل. والمهم أنها صحيفة، كتبها أبو بكر -رضي الله تعالى عنه- لأنس بن مالك، رضي الله تعالى عن الجميع.
ومن الصحابة الكاتبين أبو رافع مولى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكان له كتاب، جمع فيه بعض الأحاديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ودفعه إلى أبي بكر بن عبد الرحمن القرشي، أحد التابعين الأجلاء، وأحد الفقهاء السبعة، ورواه الإمام مسلم في صحيحه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا قام إلى الصلاة قال:((وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفًا، وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له، وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين، اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت، سبحانك وبحمدك، أنت ربي وأنا عبدك، لا شريك لك، ظلمت نفسي، واعترفت بذنوبي، فاغفر لي ذنوبي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، لبيك وسعديك، والخير كله في يديك، ولا منجا ولا ملجأ منك إلا إليك، أستغفرك وأتوب إليك)) ثم يقرأ. يعني يقرأ الفاتحة، ويقرأ القرآن. هذا رواه الإمام مسلم في كتاب صلاة المسافرين، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، وحتى بها بعض الزيادات الأخرى التي لم يذكرها هنا.
وكان أنس -رضي الله تعالى عنه- من الصحابة الكاتبين، وقد قابله عتبان بن مالك، فكتب عنه أنس حديث زيارة النبي -صلى الله عليه وسلم- له، نص الحديث عند مسلم -رحمه الله تعالى- فيما رواه بسنده إلى أنس بن مالك -رضي الله تعالى عنه- عن محمود بن الربيع، عن عتبان بن مالك -رضي الله عنهم أجمعين- رواية ثلاثة من الصحابة عن بعضهم، من لطائف الإسناد هنا.