وأيضًا من الكتب التي كتبها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو أمر بكتابتها بالأدق: الصحيفة المشهورة التي تضمنت العلاقة بينه وبين اليهود بالمدينة، وهي صحيفة هامة جدًّا، بها حقوق المسلمين المهاجرين والأنصار، وعرب يثرب واليهود في المدينة، وتكررت فيها كلمة أو لفظة الصحيفة خمس مرات، وجاء في مقدمة هذا الكتاب:((هذا كتاب محمد النبي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين المؤمنين والمسلمين من قريش وأهل يثرب، ومن تبعهم فلحق بهم، وجاهد معهم، أنهم أمة واحدة من دون الناس، المهاجرون من قريش على ربعتهم، يتعاقلون بينهم، وهم يفدون عانيهم بالمعروف والقسط بين المؤمنين)) إلى آخر نص الصحيفة، وهي موجودة في (سيرة ابن هشام) وهي موجودة في كل كتب السيرة، وهي تتكلم عن هجرة النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة، ومن أوائل الأشياء التي فعلها النبي -صلى الله عليه وسلم- حين هاجر إلى المدينة أنه قام بتسجيل تلك الصحيفة مع اليهود؛ لينظم العلاقة بين أهل الديانات المتعددة حين يتساكنون في وطن واحد.
وهذه الصحيفة بها من الفوائد الفقهية والعقدية والتربوية والسياسية ما لا يعد ولا يحصى، بل إننا نطلب من الدعاة أن يحفظوها؛ لأنها تمثل العلاقة بين أهل الديانات المختلفة كما قلت حين يكونون أبناء وطن واحد، تنظمها في منتهى الدقة، وتبين لكل طرف ما له من حقوق وما عليه من واجبات.
وكتب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كتابًا لوائل بن حجر لقومه في حضرموت، حدد له فيه الملامح الرئيسية، ومعالم الإسلام، وكتب أيضًا له في هذا الكتاب بعض الأحكام من الزكاة، وفي حد الزنا وتحريم الخمر، وبيان أن كل مسكر حرام، وهو كتاب طويل وهذا ذكره ابن حجر -رحمه الله تعالى- في كتاب (الإصابة).
كل هذه صحائف كتبت بعد إذن النبي -صلى الله عليه وسلم- بالكتابة، ومنها ما أمر النبي -صلى الله عليه وسلم-