المحدثين كالإمام النووي يقول:"إن خبر الآحاد يفيد الظن، يعني يغلب على ظننا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قاله، ولا نقطع بذلك لاحتمال وقوع الخطأ من أحد الرواة؛ لأن عدد الرواة لم يصل إلى درجة التواتر".
تكاد تكون حجة هذا الفريق الوحيدة أن احتمال الخطأ من أحد الرواة في نقل الحديث احتمال وارد، وهذا يجعلنا لا نصل إلى درجة القطع، إذن ما هو دليلهم؟ دليلهم فقط أنه قد يقع بعض الرواة في الخطأ.
في حدود قراءتي لم أجد أدلة شديدة لهم في هذا الأمر، ثم يجمعون بعد ذلك الأدلة التي وردت في ذم الظن سواء من الحديث ((إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث)) إلى آخره، ومثل الآية التي أشرت إليه، وسأرد على ذلك ـ إن شاء الله تبارك وتعالى ـ بما رد به العلماء حين الكلام أو حين نتكلم عن الشبه، لكن الآن يعني دعوني أقصر كلامي على توضيح الدرجة التي يفيدها خبر الآحاد من العلم، قلت: إن هناك فريقًا من العلماء يرى أنه يفيد الظن، ما معنى أنه يفيد الظن؟ يعني يغلب على ظننا أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال هذا الحديث ولا نقطع بأنه قاله.
الفريق الثاني: مستند الفريق الأول قلت اعتمادًا على أن الخطأ وارد من بعض الرواة، وما دام أن الخبر لم يصل إلى التواتر، فأنا لا أطمئن بنسبة مائة في المائة إلى أن الحديث قد قاله النبي -صلى الله عليه وسلم-، مع ملاحظة أمر مهم سأنتقل إليه بعد قليل.
القضية التي نناقشها الآن وهي قضية ماذا يفيد خبر الآحاد غير قضية وجوب العمل به؟ هذه مسألة وهذه مسألة، إنما نتكلم عن درجة نسبة الحديث للنبي -صلى الله عليه وسلم-.
الفريق الآخر منهم كثيرون جدا من القدامى ومن المحدثين، الإمام الشافعي في الرسالة له فصل ممتع في تطبيق خبر الحجة، وأنا سأعتمد عليه مع غيره في رد الشبهة التي أثاروها، ويعني -سبحان الله- في غاية العظمة في هذا الكتاب، ابن حزم في (الأحكام) وغيرهم كثير من المحدثين: الشيخ أحمد شاكر، الشيخ ناصر الألباني، الشيخ عبد الله الجبريل غيرهم كثير قطعوا بأن حديث الآحاد يفيد العلم لكنه العلم النظري، وهذا ما جعلني ألح على قضية العلم النظري، وكيف يثبت واستدللت بنظرية الهندسة، يعني -وفقًا لهذا الفريق- نحن نقطع بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قاله لكن بعد نظر واستدلال.