للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بسبب شرعي كأن يكون منسوخًا أو أن يكون عاما وخصص، لكن يصح الحديث ولا يعمل به، هذه جريمة ليست خطأ عاديًا، هذه جريمة انعقد عليها الإجماع بلا أدنى مبالغة في القول، الإجماع انعقد على هذا، إذن متى صح الحديث وجب العمل به، ولا يصرف عن العمل به إلا بصارف شرعي.

وقاعدة ثالثة: متى صح الحديث أصبح أصلًا من أصول الشرع مثل القرآن والسنة، ولا يوجد أصل شرعي يتصادم مع أصل شرعي آخر لا يمكن أن تجد تناقضًا بين أدلة الشرع؛ لأنها كلها جاءت من مشكاة واحدة جاءت من عند ربنا ـ سبحانه وتعالى ـ من الوحي الذي هو المصدر من القرآن الكريم وللسنة المطهرة؛ لذلك ينبغي أن نتيقن أن قضية العمل بالحديث غير قضية الدرجة التي يفيدها نحن ناقشنا هذه القضية، ونقول إن العمل بالحديث واجب متى صح؛ لأن العلماء أجمعوا أيضا على قضية أخرى حتى مع القول بأن حديث الآحاد يفيد الظن أي: أن نسبته إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- مظنونة، وليست يقينية بناء على وجهة نظر من قالوا: بأنها تفيد الظن، العلماء مجمعون، وهذا الإجماع ذكره النووي وغيره -رحمهم الله جميعًا- على أنه يجب العمل بما يغلب على ظن الأمة.

لو أنني استعدت الآن كلام النووي الذي قرأته منذ قليل، وهو يرد على ابن الصلاح في أن أحاديث الصحيحين لا تفيد القطع، وإنما تفيد الظن يقول: "وتلقي الأمة بالقبول يعني ابن الصلاح اعتمد على ذلك هذه هي القرينة أو الدليل الذي جعل ابن الصلاح يقول: بأن أحاديث الصحيحين مقطوع بصحتها؛ نظرا لما تميز بهما من منزلة عند الأمة، وأن الأمة قد تلقت كتابيهما بالقبول، ونحن قلنا: إن كثيرا من العلماء أيد ابن الصلاح، بل زاد على ذلك أنه ليس الأمر مقصورا على أحاديث الصحيحين فقط.

لكن نرجع إلى كلام النووي يقول: وهو يدافع عن وجهة نظره، ولا فرق أي في إفادة الظن في ذلك بين الشيخين وغيرهما، وتلقي الأمة بالقبول إنما أفاد وجوب

<<  <   >  >>