اليوم نتكلم عن قضية جديدة وهي الشبهات التي أثارها من أثارها حول حجية خبر الآحاد وثبوته، أثاروا شبهًا سنستعرضها ونرد عليها.
مثلا يقولون: إن العمل بخبر الآحاد إنما هو عمل بالظن، وقد ذم الله تبارك وتعالى في كثير من آيات القرآن الكريم الارتكان والاحتكام إلى الظن في كثير من الآيات، من ذلك مثلا قول الله تبارك وتعالى:{إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا}(النجم: ٢٨)، وفي غير ذلك من الآيات التي تدل على أن الظن مذموم، وأنه لا يجب العمل بما يفيد الظن، هذه شبهة.
وأيضًا في نفس سورة النجم:{إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ}(النجم: ٢٣) وفي الحديث الصحيح: ((إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث)) وهذا حديث رواه البخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب الأدب باب قول الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ}(الحجرات: ١٢) ورواه الإمام مسلم أيضا في كتاب: البر والصلة باب تحريم الظن والتجسس والتنافس والتناجش وغيرها، وهذا الحديث من رواية أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- هذه شبهة: أن عملنا بخبر الآحاد يقتضي العمل بالظن والقرآن الكريم ذم الظن، وهنا في الرد عليهم أمران:
الأمر الأول: أن القول بأن خبر الآحاد يفيد الظن ليس مجمعًا عليه إنما معظم علماء الأمة على أن، وهذا الحصر لا نبالغ فيه، إذا قلنا: إن معظم علماء الأمة على العمل، أو على أن خبر الآحاد يفيد القطع لا نبالغ وخصوصًا من أبناء المدرسة الحديثية المباركة، بل إننا قلنا في الدرس الماضي: إن مبحث التواتر والآحاد أصلًا ليس مبحثًا حديثيًّا، فالمحدثون معنيون بثبوت صحة الخبر، ومتى ثبتت صحته في ضوء معاييرهم من دراسة الإسناد، ومن دراسة المتن يقطعون بنسبته