عائشة صحيحة، وقد شرحها العلماء. وقد قال العلماء: إنه يُعَذّب بِبُكاء أهله عليه، إذا كان قد علم بذلك ورضي به، أو إذا كان قد وصى به، خصوصًا أنّ ذلك كان من عادات أهل الجاهلية، المفاخرة وتعداد المآثر للأموات، أما إذا عُلم بأنه وصى بعدم ذلك، أو سَجّل بأنه لا يرضى هذا فهذا لا فإذن الحديث له محمل صحيح في معناه فلا يُرَدّ.
لكنْ يَبْقَى المِثَالُ المَضروب هو أنه -كما قُلت- مِثالٌ على أن حركة النقد للمتن وليس الإسناد، من ناحية الإسناد جيل الصحابة كلهم عدول، ونحن بعد في جيل الصحابة لم تتعدد طبقات الإسناد، ما زلنا مع الطبقة الأولى التي هي أجل الطبقات، وأعظم الطبقات وهي طبقة الصحابة بإجماع الأمة؛ فلم يكن يُكَذِّبُ بعضهم بعضًا إنما الاعتراض كان على متن الحديث.
لما أبو هريرة روى حديث:((مَن تبع جنازة حتى تدفن فله قيراط، ومَن تبعها حتى يصلى عليها فلها قيراطان)) كأنه استعظم الأجر، فسأل أمنا عائشة، فصدقت أبا هريرة، فقال بعد ذلك:"لقد فرطنا في قراريط كثيرة".
أيضًا المَرأة التي طَلّقها زوجها ثلاثًا هل لها سُكنى ولها نفقة، فظاهر القرآن:{أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ}(الطلاق: ٦).
فاطمة بنت قيس قالت: طلقني زوجي ثلاثًا على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: ((لا سكنى لك ولا نفقة)). فقال عمر -رضي الله عنه- قال:"لا ندع كتاب ربنا وسنة نبينا لقول امرأة". لم يطعن في عدالتها، صحابية جليلة؛ لعلها حفظت أو نسيت، هنا نقد للمتن أيضًا.
بل إنه بدأً من عصر التابعين بدأ وضع القواعد الضابطة لنقد المتن: يعني: من عصر التابعين وخصوصًا العصر المُتأخر للتابعين بعد أن بدأ الوضع يظهر هم