لك الإسناد، فتنتهي في النهاية إلى أنّ الحديث صحيح -كما ذكرنا قبلًا- لكن كون الحديث لكي نتكلم في علله، لا بد من جمع الطرق وجمع الروايات الاثنان معًا، والعلماء يقولون: الحديث إذا لم تجمع طرقه لم يتبين خطؤه. ويقولون: كنا نجمع الحديث من ستين طريقًا، ومن ثلاثين طريقًا.
وهذه الأرقام الكبيرة التي نسمعها عن حفظ علمائنا الكبار مثل الإمام أحمد والبخاري ومسلم، ومَن على شاكلتهم من تلك الألوف المؤلفة للأحاديث، إنّما هي حفظ للأحاديث بطرقها بأسانيدها ومتونها، المتن ورد من عدة طرق سواء عن صحابي واحد، أو من عدة طرق عن كل صحابي، كل ذلك لا بُدّ أن يُجمع لكي أتكلم في علة الحديث، بل أيضًا يقولون:"الذي يقول إنه لا يخطئ فإنه كذاب".
هذه من القواعد المقررة عند المحدثين، يعني: لا أحد يكابر في الخطأ أبدًا؛ لأنه لا يوجد بشر الذي لم يخطئ، ولذلك أعادوا النظر مرة ثانية في أحاديث الثقات ليفتشوا فيها؛ حتى نطمئن تمامًا إلى سلامة الإسناد، وسلامة المتن معه.
هناك بالإضافة إلى ذلك بعض القواعد التي وضعها المحدثون لدراسة المتن، مثلًا عرض روايات الحديث الواحد بعضها على بعض، هذا من القواعد التي وضعها العلماء، نجمع الحديث الواحد بكل طرقه وبكل ألفاظه؛ لنقف هل هناك إضراب في المتن؟ هل هناك قلب أو اضطراب أو تصحيف أو تحريف؟ هل هناك زيادة؟ يعني: زادها بعض الثقات، وهل هي صحيحة ولا وهن فيها؟ كل نوع من الذي أقوله الآن المحدثون خصصه لهم مبحثًا من المباحث الخاصة به في مصطلح الحديث.
أيضًا هناك مؤلفات عني أصحابها مثل ابن قتيبة والطحاوي وغيرهم في الجمع بين الأحاديث التي يبدو في ظاهرها التعارض، وإذ هي في معظمها متعلقة بالمتون، متن يتعارض مع متن؛ مثل قول:((لا عدوى ولا طيرة)) ومثل قوله: