وكلما دُعي أحدهم إلى نقاش أو إلى برنامج أو إلى كتاب، هو هذه قضيته، حتى من تلاميذهم من أبناء البلاد الإسلامية، هو يأتي إلى أي برنامج لإثبات هذه الحقيقة: أن الإسلام ظلم المرأة، ليس لبحث موقف الإسلام من المرأة مثلًا في ضوء الأدلة، إنما هو اقتنع كما قلت بالفكرة المسبقة.
أيضًا، الجانب الإيماني عندهم ضعيف جدًّا، فانعكس على دراستهم: قضية الأديان لا يبالون بها، بعضهم لا ديني، لا تهمهم قضية الأديان، هو يعيش في الدنيا يعمل ويكسب ويستمتع، أما جوانب الإيمان والجهاد والجنة والنار، البحث عن رضا الله تعالى وعن مغفرته، وعن الاستعداد للجنة، الخوف من الاستعداد ليوم الرحيل، كل هذا كلام في نظرهم كلام متخلف، كلام يفقد المرء الاستمتاع بالحياة، ويجعل الدنيا ظلامًا، ويجلس بجوار الحياة في انتظار الموت، كل كلام عن الآخرة وعن الاستعداد لها، وعن الجنة، هذا في نظره كلام عبث. فهو سلّط ابتعاده عن الدين على فكره، فرفض كل ما يعارض هذا الفكر.
وهذا في الحقيقة منهج نحن نفنده؛ لأنهم يزعمون أنهم يقولون إنهم أتباع منهج علمي، لا، القرآن حدثنا عن قوم لوط، ما موقفهم من لوط؟ ما دام قد رفض نجاستهم إذًا:{أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ}(الأعراف: ٨٢)، فجريمتهم التطهر، هو نفس المنهج، يحكّمون أخلاقهم ومبادئهم في الآخرين، ويريدون أن يقولوا إن هذا صواب وهذا خطأ، في ضوء ما يعتقدون وليس في ضوء الحقائق الثابتة.
هذه بعض الملامح العامة التي اتبعها المستشرقون في دراستهم الإسلام، وكما قلت كثير مَن تكلموا عن الاستشراق الدكتور مصطفى السباعي -رحمه الله- في (السنة ومكانتها في التشريع) كثير من العلماء نقلنا بعض أقوالهم؛ لنبين أن هذا الخلل الذي اتبعوه علميًّا أدى إلى إثارة الشبهات حول السنة.
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه.