للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

معالم المجتمع، الخلاف لم يفتح الباب لاهتزاز الثوابت، أيضًا اتسعت الدولة ودخلت أمم كثيرة في دين الله أفواجًا، غرب الصين كشرقٍ للأمة الإسلامية، أفغانستان وما بعدها، إلى المغرب إلى أواسط روسيا شمالًا، إلى جنوب أفريقيا جنوبًا .. إلى آخره. دولة واسعة جدًّا صلاتها واحدة، قِبلتها واحدة، صومها واحد، حجها واحد، قرآنها واحد، نبيها واحد، سنتها واحدة، لم يتغير شيء من ذلك أبدًا تحت وطأة التطور الذي يحدث داخل المجتمعات.

ثوابتها، في عقائدها، في أخلاقها، في عبادتها، في معاملتها، في ماليتها في أسس حلالها وحرامها، في الزواج، في الأسرة، في جمع المال، في إنفاق المال، كل ذلك ظل ثابتًا على رغم ما نشأ وطرأ على الأمة المسلمة وعلى أقطارها المتعددة من تطور كما يقول الزاعمون في كل مجالات الحياة، حدث تطور حتى في زماننا هذا؛ تبرج النساء فهل وضع العلماء أحاديث تسوّغ للناس التبرج؟ تعامل بعض الناس بالربا، فهل سمح أحد من أهل العلم أن يضع حديثًا ييسر للناس التعامل بالربا؟

هناك فرق بين أن تجتهد في أن هذه الصورة من التعاملات هي معاملات ربوية أو غير ربوية، هذا اجتهاد كما قلت، يعني: أن يقال مثلًا: معاملات البنوك ربوية أو غير ربوية، أنا لا أفتي الآن لكن أقول المسألة خلافية، لكن أحدًا من الذين قالوا بإباحتها لم يفهم أبدًا أنها ربا، ثم هو يجيزه ويسيغه للأمة لأنه ربا، اجتهاده انصب على أن هذا ليس من الربا المحرم، بصرف النظر عن الاتفاق أو الاختلاف معه، هذه مسألة اجتهادية -كما قلت- لكن هل قال الرجل أنه ربا وأنا أسيغه اتساقًا مع تطور الأمة ولأن الظروف الاقتصادية أصبحت مضطرة إلى ذلك؟

لم يقل أحدًا بذلك أبدًا، إنما اجتهاده -كما قلت- كان منصبًّا على أنه ليس من الربا، لا العلماء المحدثون ولا الأقدمون وهم أشد من المحدثين ورعًا وتقوى

<<  <   >  >>