الأمر إليه، فأراد أن يمنع الناس من الذهاب إلى الدولة التي بها ي عبد الله بن الزبير حاكمًا يسيطر عليها، فأمر الزهري أن يضع أحاديث، ومنها ضمنها هذا الحديث، هكذا تقول الرواية.
هنا حقائق تاريخية نود أن نقولها:
عبد الملك بن مروان توفي سنة ٨٦ هـ وكان عمر الزهري حينئذٍ ستة وثلاثين عامًا وعاش الزهري بعد ذلك قريبًا من أربعين سنة وربما أكثر، مع كثير من الأمراء بعد عبد الملك؛ مع ابنه الوليد، وبعد الوليد سليمان، وبعد سليمان عمر بن عبد العزيز، إلخ، كلهم كانوا في موقع التلميذ بالنسبة له، يحسنون الاستماع إليه ويتلقون عنه، ويقدرونه قدره، وينزلونه منزلته ويعلمون أنه شيخهم الكبير، يؤدب أولادهم ويعلم أمراءهم، وكل ذلك من خلال الكتاب والسنة، وعلاقتهم به لم تخرج أبدًا عن كونها علاقة التلميذ بأستاذه.
هذا الأمر أن الزهري يضع هذا الحديث، هذه فِرية لأدلة كثيرة:
أولًا: ذكرنا سنّ الزهري، هو في خلافة الملك، حتى هناك خلاف كبير، يعني: في دخوله دمشق، هو أصلًا كما قلنا مدني من المدينة وهو أصل من مكة من بني زهرة، لكن رحل إلى أيه إلى الشام عبد الملك بن مروان مثلًا ستة وثمانين، عبد الله بن الزبير قتل سنة ٧٣هـ، سنة ٧٣هـ كان عمر الزهري ٢٣ سنة، فهل كان عالمًا كبيرًا جدًا جدًا، اتسعت مكانته بالعالم الإسلامي بحيث إذ وضع حديثًا كان يسكت عنه الناس، لأنه إذا فرض أن هذا الحديث وضع، فكان سيوضع في خلافة عبد الله بن الزبير، حتى يمتنع الناس عن الذهاب؛ لأنه بعد مقتل عبد الله بن الزبير سنة ٧٣ هجرية دخل الحجاز في خلافة بني أمية، بعد أن قتل عبد الله بن الزبير -رضي الله عنه- وانتهت مسألة خلافته التي كان قد دعا إليها، وعاد الحجاز مرة ثانية بكل أقاليمه إلى لواء الدولة الأموية، في سنة ٧٣ هـ وفي مدة الخمس سنوات.