يعني: من الناحية البدهية العقلية لا نِقاشَ في هذا أبدًا، مع أن النبي -صلى الله عليه وسلم-، كل ما يصدر عنه حديث من أقواله أو أفعاله أو من تقريراته، فإذا كان الصحابي المتفرغ يروي عنه أربعة أحاديث في اليوم، فهذا عدد يسير جدًّا جدًّا، يستطيع أي طالب أن يتلقاه عن شيخه في نصف ساعة من كل يوم.
إذن، استعملوا تزييفَ التاريخ، واستعملوا تزييفَ المعلومات، مر بنا الإشارة إلى أن سيف بن عمر اعتمد عليه الطبري، وكأنه قبله، تزييف المعلومات بالنسبة لأبي هريرة، الاعتماد على المصادر -كما قلت- النية الواضحة في هدم السنة، التقويمات أو الاستنتاجات التي تخالف الواقع، المناهج العلمية التي لم يجمع عليها الأمة، الحديث الذي يخالف ظاهر القرآن مردود. من الذي قال ذلك؟ إلا بعد أن نتأكد من هذه المخالفة، لم تعالج بالأساليب العلمية التي اعتمدها العلماء عندنا، ولماذا ألف العلماء كتبًا في الجمع بين الأحاديث المتعارضة؟ ليدفعوا هذا التعارض، لا ليردوا أحد الدليلين، وكان العلماء واثقين من توافق المصادر الشرعية مع بعضها، فيقول العالم: ائتوني بأي أحاديث تقولون عنها: إنها متعارضة، وأنا أدفع لكم هذا التعارض؛ لأنهم يعلمون أن هذه الأحاديث إنما جاءت من مشكاة واحدة من الوحي عن الله -تبارك وتعالى-.
انظر إلى تشنيع آخر في ص٧٧، يقول: الاستدراك على البخاري ومسلم، عنوان، قال النووي في (شرح مسلم): استدرك جماعةٌ على البخاري ومسلم أحاديثَ أخلَّا بشرطيهما فيها، فنزلت إلى درجة مَن التزمها، وقد ألف الإمام الحافظ الدارقطني في بيان ذلك في كتابه المسمى بـ (الاستدراك والتتبع)، ولأبي مسعود الدمشقي، صاحب (الأطراف) استدراكٌ عليه، وكذا لأبي علي الغساني في كتابه (تقييد المهمل).
هذا كلام لو وصفتُه بخيانة الأمانة العلمية كان وصفًا خفيفًا.