الرضا بحكم النبي -صلى الله عليه وسلم- {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا}
وهذا من جملة المطلوب، يعني ليس المطلوب أن نحكم فحسب، بل المطلوب أن نحكم وأن نرضى {حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا}(النساء: ٦٥) ثم لا يجدوا في أنفسهم ضيقًا ولا رفضًا ولا إيباء، ولا تمنعا، هذا لا يجوز، أي معنى من هذه المعاني لا يجوز مع النبي -صلى الله عليه وسلم-، ومع حكمه -صلى الله عليه وسلم-. {حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}(النساء: ٦٥)، عليهم أن يرضوا به، وأن يخضعوا له خضوعا كاملًا، وأن يستلموا له استلاما تاما، ولن يكون هناك إيمانا بغير ذلك، هذا مضمون الآية، الله تعالى يقسم أن إيمان المؤمنين لن يكون إلا إذا حكموا النبي -صلى الله عليه وسلم- وليس المطلوب تحكيمه فحسب، بل المطلوب أيضا أن يرضوا بهذا الحكم النبوي، وأن يخضعوا له في استسلام كامل.
قد يسأل سائل هنا: ولماذا اشترط الله تعالى علينا الرضا بالحكم، ولم يكتف منا بمجرد التطبيق فحسب؟ لأن عدم الرضا بأي حكم، إنما هو فرع عن اعتقادك بأنه حكم جائر مثلا، يعني: متى لا يرضى الإنسان بالحكم؟ حين يتصور أنه حكم جائر أو ظالم، وحين يتخيل أن هناك حكما أعدل منه، وأفضل منه، وأكثر خيرا منه، هذه المعاني لا تجوز مع حكم الله تعالى، ومع حكم رسوله -صلى الله عليه وسلم- لماذا؟ لأن من جملة إيماننا أن نعتقد بأن حكم الله تعالى، وحكم نبيه -صلى الله عليه وسلم- هما أعدل الأحكام، وهما خير الأحكام، وهما أرشد الأحكام، وهما أفضل الأحكام ... الخ.
ولو أنني تركت قضيتي التي أتكلم عليها وهي حجية السنة من خلال القرآن، ثم انتقلت إلى امتثال الصحابة إلى الحكم النبوي، ورضاهم به؛ لطال بنا المقام،