ثم ننتقل إلى سورة الأعراف، وبها جملة من الآيات التي أيضا تحث على طاعة الرسول -صلى الله عليه وسلم-: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}(الأعراف: ١٥٧).
هذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل، يأمرهم بالمعروف، وينهاهم عن المنكر، ويحل لهم الطيبات، ويحرم عليهم الخبائث، ويضع عنهم إصرهم، إلى آخر الآية، فالذين آمنوا به وبما جاء به من القرآن والسنة، وعزروه، ووقروه، واحترموه، وبجلوه، وقدروه، وأنزلوه منزلته اللائقة به، كل هذا من معاني "وعزروه"، ونصروه نصرة النبي -صلى الله عليه وسلم- واجبة، ومن أوضح صور نصرته -صلى الله عليه وسلم- أن نستجيب لحكمه، الذي لا يستجيب لحكمه هو خذلان، لكن الذي يبوء بالخذلان هو المخالف، أما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فمقامه رفيع، والله -عز وجل- جعل له المنزلة السامقة العالية.
ونلاحظ أن الله -عز وجل- علق الفلاح على ذلك:{فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}(الأعراف: ١٥٧)، "وأولئك هم المفلحون" جملة من مبتدأ وخبر، أولئك: مبتدأ، وهذا أحد أنواع المعارف؛ لأنه اسم إشارة. والمفلحون: خبر، وهم: ضمير فصل للتأكيد، حين تكون الجملة معرفة الطرفين، فإنها تفيد القصر، يعني: الفلاح مقصور على هؤلاء الناس الذين استجابوا لله وللرسول، وآمنوا به وعزروه ونصروه.