الحكم هو سيد الأحكام وأعدلها، وقد قلنا قبل ذلك: قول الصحابي، وأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خير وأرشد.
وقبل ذلك قلنا قول الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ}(الأنفال: ٢٤) الحياة الحقيقية، الآمنة، المطمئنة، المتضمنة لكل جوانب الخير. نعم ممكن تكون هناك حياة مليئة بالمتع الدنيوية بعيدة عن المنهج الإلهي، لكن أهل الإيمان لا يتصورون أبدًا أن هذه الحياة المثلى التي يتطلعون إليها لا. هذا أمر معروف عند أهل الإيمان، فلا يمكن لمسلم أبدًا أن يعقد مقارنة بين حكم الله تعالى، وحكم رسوله -صلى الله عليه وسلم-، إنما المقارنة محسومة لصالح حكم الله تعالى، وحكم رسوله -صلى الله عليه وسلم-، فلا يوجد أبدًا اختيار انتهى؛ ولذلك قال الله تعالى:{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ}(الأحزاب: ٣٦).
والله -عز وجل- يبين أن أهل الإيمان لا يمكن أبدًا إلا أن يكون الاختيار واضحًا في ذهنهم، وأنه لصالح حكم الله تعالى، وحكم رسوله -صلى الله عليه وسلم-.
{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ}(الأحزاب: ٣٦) ولذلك لم يكن التعبير القرآن: "وما كان ذكر أو أنثى"، إنما هنا يخاطب أهل الإيمان الذكر والأنثى من أي ديانة أخرى قد يشوش عليهم الأمر، وقد لا يفقهون المسألة في ضوء هذا المعنى الإيماني الرائع، فتختلط عليهم الأمور، لكن أهل الإيمان يعلمون أن حكم الله تعالى، وحكم نبيه -صلى الله عليه وسلم- هما خير الأحكام، وهما أعدل الأحكام، وهما سيدا الأحكام، وأصلا هذه الأحكام جاءت لخيرنا نحن، الله تعالى شرعها لإنقاذنا من الهلكة، وكذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- لفوزنا، لفلاحنا، لنجاتنا من النار، وفوزنا بالجنة، كل الأحكام جاءت لصالحنا في ديننا، وفي دنيانا، فكيف يستقيم أن نختار بين هذه الأحكام وبين غيرها مهما كانت الجهة التي صدرت عنها تلك الأحكام؟! بل {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ}(الأحزاب: ٣٦).