ما جاءنا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من قول نسميها: السنة القولية، ونقصد بها: ما قالها النبي -صلى الله عليه وسلم- بلسانه من غير أن يكون هذا القول مقترنًا بفعل منه -صلى الله عليه وسلم-. هذه السنة القولية قد تتضمن فعلًا، لكنه حين قالها لم يفعل، فهي سنة قولية، حتى وإن تضمنت الأمر للأمة بفعل، مثلًا: حين يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: عودوا المريض هو يأمرنا هنا بفعل بزيارة المريض، حين يقول: فكوا العاني، أي: فكوا الأسير، هذا أمر بفعل، أي: علينا أن نعمل على فكاك الأسير بكل الطرق الممكنة، لكنها سنة قولية؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- لم يقترن قوله بفعل منه حين قال.
أما السنة الفعلية: فهي التي كان فيها فعل. السنة الفعلية فيها عمل، فيها فعل من النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقد يكون مع هذا الفعل قول، وقد لا يكون هناك قول مع هذا الفعل، بمعنى: أن الرواية التي تردنا قد تقتصر على الفعل فقط يعني: على حكاية فعل النبي -صلى الله عليه وسلم-، فهي سنة عملية، وقد يقترن مع القول فعل، عندي مثال للفعل الذي لم يقترن بقول، فمثلًا: أمنا عائشة -رضي الله عنها تقول: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي العصر، والشمس لم تخرج من حجرتها، يعني: والشمس مرتفعة، وهذا رواه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب مواقيت الصلاة، باب: وقت العصر.
هنا حكاية لفعل النبي -صلى الله عليه وسلم- وليس معه قول، وأيضًا مثال آخر: ما قاله أنس بن مالك -رضي الله تعالى عنه- حكاية عن صفة صلاته -صلى الله عليه وسلم-، فيقول: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يوجز الصلاة، ويكملها يعني: صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- كاملة وتامة، وفي غير إطالة مرهقة. يوجز، لكن بغير خلل، بغير نقصان يوجز الصلاة، ويكملها.
وهذا حديث رواه الإمام البخاري في كتاب الأذان، باب: من شكى إمامه إذا طول، وفي بعض النسخ أيضًا باب: الإيجاز في الصلاة وإكمالها، وأيضًا من