بقي أن نقول: إن الحكمة هي السنة؛ يعني يقول قائل صدقنا أن الحكمة غير الكتاب، وأن الحكمة نازلة من عند الله -تبارك وتعالى- فهل معنى ذلك أن الحكمة هي السنة؟ نعم، بعدة دلالات، أولًا أفهم الأمة، الإمام الشافعي -رحمه الله تعالى- يقول في (الرسالة) وفي غيرها من الكتب، يقول:"فسمعت من أرضى من أهل العلم يقول إن الحكمة هي السنة" يعني: الذي يرضاه الإمام الشافعي من أهل العلم أجمعوا على أن الحكمة هي السنة.
وهناك دليل عقلي في هذه المسألة، لو لم نقل بأن الحكمة هي السنة فبماذا نقول عنها؟ أو بماذا نعرفها؟ أو ما هي؟ لا بد بالضرورة أن تكون الحكمة هي السنة؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسل م- لم يأتنا بغير القرآن والسنة.
النبي -صلى الله عليه وسل م- جاءنا بالقرآن الكريم فقط، وبالسنة المطهرة فقط، وما دام لم يأتنا بغير هذين فإن الكتاب معروف، ولا بد من حمل الحكمة على كونها السنة؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسل م- لم يأت بغير هذين الأمرين، وإذا كان البعض سيتوقف في هذا الفهم، فليدلنا، إذا لم تكن الحكمة هي السنة فماذا تكون؟ ولذلك قلنا إن الأمر حتمي بدليل أن النبي -صلى الله عليه وسل م- لم يأتنا بغير القرآن والسنة، وفي هذا الأمر نقاط أو مسائل.
المسألة الأولى: أن السنة وردت في سياقات في القرآن الكريم مضافة إلى كثير من البشر أنهم قد أتوا الحكمة مما يجعلها في هذه السياقات غير السنة، نعم، إذا قال الله تعالى:{وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ}(لقمان: ١٢) فلا يمكن أن نفهم أن الحكمة في هذا السياق هي سنة النبي -صلى الله عليه وسل م-. لقمان كان قبل النبي -صلى الله عليه وسل م-.
أيضًا حين يقول الله تعالى:{يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ}(البقرة: ٢٦٩) ليكن معنى الحكمة ما يشاء، يكن معنى الحكمة ما يكون، أنا أتكلم عن الآيات التي جاءت