للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(( ... وأما أبو حنيفة: فإنه يكره الغناء، ويجعله من الذنوب (١)، وكذلك مذهب أهل الكوفة: سفيان، وحماد، وإبراهيم، والشعبي، وغيرهم لا اختلاف بينهم في ذلك، ولا نعلم خلافاً أيضاً بين أهل البصرة في المنع منه)).

((قلت [القائل ابن القيم]: مذهب أبي حنيفة في ذلك من أشدِّ المذاهب، وقوله فيه أغلظ الأقوال، وقد صرَّح أصحابه بتحريم سماع الملاهي كلها؛ كالمزمار، والدفِّ، حتى الضَّرْب بالقَضِيب، وصرَّحوا بأنه معصية، يوجب الفسق، وتُرَدُّ به الشهادة، وأبلغ من ذلك أنهم قالوا: إن السماع فِسْقٌ، والتَّلَذُّذَ به كفرٌ، هذا لفظهم ورووا في ذلك حديثاً لا يصحُّ رفعُه.

قالوا: ويجب عليه أن يجتهد في أن لا يسمعه إذا مرَّ به، أو كان في جواره.

وقال أبو يوسف في دار يُسمَع منها صوتُ المعازف والملاهي:

ادخل عليهم بغير إذنهم؛ لأن النهي عن المنكر فرضٌ، فلو لم يجز الدخول بغير إذن لامتنع الناس من إقامة الفرض.

قالوا: ويتقدَّم إليه الإمام إذا سمع ذلك من داره، فإن أصرَّ حبسه، أو ضربه سياطاً، وإن شاء أزعجه عن داره)) (٢).

٢ - الإمام مالك رحمه اللَّه، نهى عن الغناء، وعن استماعه،


(١) انظر: الدر المختار، ٢/ ٣٥٢، وشرح كنز الحقائق، ٤/ ١٢٠، وإغاثة اللهفان لابن القيم، ٢/ ٢٩٤.
(٢) إغاثة اللهفان، ١/ ٢٩٥.

<<  <   >  >>