للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اسماً قبيحاً بين البرايا، وكم من ذي غِنَىً وثروةٍ أصبح بسببه على الأرض بعد المطارف والحشايا، وكم من مُعافىً تعرَّض له فأمسى وقد حلّت به أنواع البلايا، وكم أهدى للمشغوف به من أشجانٍ وأحزان، فلم يجد بُدّاً من قبول تلك الهدايا، وكم جَرَّع من غُصَّةٍ، وأزال من نعمة، وجلب من نقمة، وذلك منه من إحدى العطايا، وكم خبَّأ لأهله من آلام منتظرة، وغموم متوقعة، وهموم مستقبلة.

فَسَلْ ذا خِبْرَةٍ يُنبِيكَ عَنْهُ ... لِتَعْلَمَ كَمْ خَبَايَا في الزَّوَايَا

وَحَاذِرْ إنْ شُغِفْتَ بِهِ سِهامَاً ... مُريّشةً بِأهْدَابِ المَنايَا

إذَا مَا خَالَطَتْ قَلْباً كَئيباً ... تَمَزَّقَ بَيْنَ أطْبَاقِ الرَّزَايَا

وَيُصْبِحُ بَعْدَ أنْ قَدْ كَانَ حُرَّاً ... عَفِيفَ الفَرْجِ: عَبْداً لِلصَّبَايَا

وَيُعْطِي مَنْ بِهِ يُغني غناءً ... وَذَلِكَ مِنْهُ مِنْ شَرِّ العَطَايَا (١)

١٢ - الغناء ينوب عن الخمر، ويفعل ما يفعل السكر، وتقدم في رقية الزنا أن ذلك قاله يزيد بن الوليد، وقد شبّه بعض الشعراء الغناء بالخمر، وأخبر عن تأثيره في النفوس، فقال:

أتَذْكُرُ لَيْلَةً وَقَدِ اجْتَمَعْنَا ... عَلَى طِيبِ السَّمَاعِ إلى الصَّبَاحِ

وَدَارَتْ بَيْنَنا كَأْسُ الأَغَانِي ... فَأَسْكَرَتِ النُّفُوسَ بِغَيرِ رَاحِ

فَلَمْ تَرَ فِيهِمْ إِلاَّ نَشَاوَى ... سُرُوراً والسُّرُورُ هُنَاكَ صَاحِي

إِذَا نَادَى أخُو اللَّذَاتِ فِيهِ ... أَجَابَ اللَّهْوُ: حَيَّ عَلَى السَّمَاحِ


(١) إغاثة اللهفان، لابن القيم، ١/ ٣١٧ - ٣١٨.

<<  <   >  >>