للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

أحيّيك بِمَا يَلِيق بمكانتك، وَإِن لم يسْبق لي شرف الْمعرفَة لحضرتك، وَأَرْجُو أَن تمن عَليّ ببضع دقائق من وقتك الثمين تُجِيبنِي فِيهَا عَن السُّؤَال الْآتِي الَّذِي يهمني من حَيْثُ أَنا صَاحب مجلة إسلامية تدافع عَن الدّين وتبحث فِي فلسفته وَهُوَ:

هَل عنيت بِمَا قلت فِي تقريرك الْأَخير عَن الحكم بالشريعة الإسلامية " الَّتِي وضعت مُنْذُ أَكثر من ألف سنة " الدّين الإسلامي نَفسه الَّذِي هُوَ عبارَة عَن الْقُرْآن الْحَكِيم وَالسّنة النَّبَوِيَّة؟ أم عنيت بذلك الْفِقْه الإسلامي الَّذِي وَضعه الْفُقَهَاء؟ فَإِن كنت تَعْنِي الثَّانِي فَهُوَ من وضع الْبشر، وَقد مزجت فِيهِ آراؤهم بِمَا يَأْخُذُونَ عَن الأول وَخطأ فِيهِ بَعضهم بَعْضًا، وَقد ترك حكام الْمُسلمين أنفسهم الْعَمَل بِكَثِير مِنْهُ. . ولطلاب الْإِصْلَاح من الْمُسلمين انتقاد على كثير من تِلْكَ الآراء فِي كل مَذْهَب. . وَإِن كنت تَعْنِي الأول فهاذ الْعَاجِز مستعد لِأَن يبين لجنابكم أَن مُعظم مَا جَاءَ فِي الدّين نَفسه من الْأَحْكَام القضائية والسياسية هُوَ من الْقَوَاعِد الْعَامَّة، وَهِي توَافق مصلحَة الْبشر فِي كل زمَان وَمَكَان لِأَن أساسها دَرْء الْمَفَاسِد وجلب الْمصَالح بِحكم الشورى، وَمَا فِيهِ من الْأَحْكَام الْجُزْئِيَّة (وَهُوَ مُقَابل الْمُعظم) رَاجع إِلَى ذَلِك. . وَاخْتِمْ رقيمي مودعا لجنابكم بالتحية والاحترام.

منشئ الْمنَار بِمصْر

مُحَمَّد رشيد رضَا

وَقد أجابنا بِالْكتاب الْآتِي بنصه الْعَرَبِيّ موقعا ومؤرخا بِخَطِّهِ الإفرنجي وَهُوَ

كتاب لورد كرومر إِلَى أَصْحَاب الْمنَار:

حَضْرَة صَاحب الْفَضِيلَة الْعَلامَة الشَّيْخ رشيد رضَا صَاحب جَرِيدَة الْمنَار

جَوَابا على خطابكم أَقُول إِنِّي عنيت بِمَا كتبت مَجْمُوع القوانين الإسلامية الَّتِي تسمونها الْفِقْه لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي تجْرِي عَلَيْهَا الْأَحْكَام وَلم أعن الدّين الإسلامي نَفسه وَلذَلِك قلت فِي هَذَا التَّقْرِير الْأَخير وَفِي غَيره بِوُجُوب مساعدة الحزب الإسلامي الَّذِي يطْلب الْإِصْلَاح ويسير مَعَ المدنية من غير أَن يمس أصُول الدّين. . وَلَعَلَّ الْعبارَة الَّتِي كتبتها بتقريري كَانَت موجزة فَلم تُؤَد المُرَاد تَمامًا. .

واقبلوا يَا حَضْرَة الْأُسْتَاذ احترامي الْفَائِق

كرومر

<<  <   >  >>