(فصل) فَإِذا ثَبت وجوب الْإِمَامَة ففرضها على الْكِفَايَة كالجهاد وَطلب الْعلم فَإِذا قَامَ بهَا من هُوَ أَهلهَا سقط فَرضهَا عَن الكافة وَإِن لم يقم بهَا أحد خرج من النَّاس فريقان (أَحدهمَا) أهل الِاخْتِيَار حَتَّى يختاروا إِمَامًا للْأمة (وَالثَّانِي) أهل الْإِمَامَة حَتَّى ينْتَصب أحدهم للْإِمَامَة. .
فَأَما أهل الِاخْتِيَار فالشروط الْمُعْتَبرَة فيهم ثَلَاثَة (أَحدهَا) الْعَدَالَة الجامعة لشروطها (وَالثَّانِي) الْعلم الَّذِي يتَوَصَّل بِهِ إِلَى معرفَة من يسْتَحق الْإِمَامَة على الشُّرُوط الْمُعْتَبرَة فِيهَا (وَالثَّالِث) الرَّأْي وَالْحكمَة المؤديان إِلَى اخْتِيَار من هُوَ للْإِمَامَة أصلح، وبتدبير الْمصَالح أقوم وَأعرف. . وَلَيْسَ لمن كَانَ فِي بلد الإِمَام على غَيره من أهل الْبِلَاد فضل مزية يقدم بهَا عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا صَار من يحضر بِبَلَد الإِمَام مُتَوَلِّيًا لعقد الْإِمَامَة عرفا وَشرعا لسبوق علمهمْ بِمَوْتِهِ، وَلِأَن من يصلح للْإِمَامَة فِي الْأَغْلَب مَوْجُود فِي بَلَده اه (فتح الْبَارِي) . .
أَقُول: لهَذِهِ الشُّرُوط مَأْخَذ من هدى السّلف فقد قَالَ الطَّبَرِيّ: لم يكن فِي أهل الْإِسْلَام أحد لَهُ من الْمنزلَة فِي الدّين وَالْهجْرَة والسابقة وَالْعقل وَالْعلم والمعرفة بالسياسة مَا للستة الَّذين جعل عمر الْأَمر شُورَى بَينهم.