بِقبُول سَائِر الْمُسلمين، رَوَاهُ البُخَارِيّ، وَقد أقرَّت جمَاعَة الصَّحَابَة عمر على ذَلِك فَكَانَ إِجْمَاعًا فتقرر بِهَذَا، إِن الأَصْل فِي الْمُبَايعَة أَن تكون بعد استشارة جُمْهُور الْمُسلمين وَاخْتِيَار أهل الْحل وَالْعقد وَلَا تعْتَبر مبايعة غَيرهم إِلَّا أَن تكون تبعا لَهُم. . وَأَن عمل عمر (رَضِي الله عَنهُ) خَالف هَذَا الأَصْل الْقطعِي فَكَانَ فلتة لمقتضيات خَاصَّة لَا أصلا شَرْعِيًّا يعْمل بِهِ، وَمن تصدى لمثله فَبَايع أحدا فَلَا يَصح أَن يكون هُوَ وَلَا من بَايعه أَهلا للمبايعة، بل يكون ذَلِك تغريراً بأنفسهما قد يُفْضِي إِلَى قَتلهمَا إِذْ أحدث فِي الْأمة شقاقا وفتنة.
سلطة الْأمة وَمعنى الْجَمَاعَة
قَالَ الله تَعَالَى فِي وصف الْمُؤمنِينَ {وَأمرهمْ شُورَى بَينهم} وَالْقُرْآن يُخَاطب جمَاعَة الْمُؤمنِينَ بِالْأَحْكَامِ الَّتِي يشرعها حَتَّى أَحْكَام الْقِتَال وَنَحْوهَا من الْأُمُور الْعَامَّة الَّتِي لَا تتلعق بالأفراد كَمَا بَيناهُ فِي التَّفْسِير، وَقد أَمر بِطَاعَة أولي الْأَمر - وهم الْجَمَاعَة - لَا ولي الْأَمر، وَذَلِكَ أَن ولي الْأَمر وَاحِد مِنْهُم، وَإِنَّمَا يطاع بتأييد جمَاعَة الْمُسلمين الَّذين بَايعُوهُ لَهُ وثقتهم بِهِ، وَيدل على هَذَا الْمَعْنى مَا ورد من الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة فِي الْتِزَام الْجَمَاعَة وَكَون طَاعَة الْأَمِير تَابِعَة لطاعتهم واجتماع الْكَلِمَة بسلطتهم كَحَدِيث ابْن عَبَّاس فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] قَالَ:
" من رأى من أميره شَيْئا فليصبر عَلَيْهِ فَإِن من فَارق الْجَمَاعَة شبْرًا فَمَاتَ مَاتَ ميتَة جَاهِلِيَّة " وَلما أخبر النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] حُذَيْفَة بن الْيَمَان بِمَا يكون فِي الْأمة من الْفِتَن فِي الحَدِيث الصَّحِيح الْمَشْهُور قَالَ: فَمَا تَأْمُرنِي إِن أدركني ذَلِك؟ قَالَ [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : " تلْزم جمَاعَة الْمُسلمين " وإمامهم " قَالَ قلت: فَإِن لم يكن لَهُم جمَاعَة وَلَا إِمَام؟ قَالَ " فاعتزل تِلْكَ الْفرق كلهَا " إِلَخ. . وَفِي بعض الْأَحَادِيث بَيَان أَن الْجَمَاعَة وهم السوَاد الْأَعْظَم أَي بِالنِّسْبَةِ إِلَى صدر الْإِسْلَام.
وَمن الْأَدِلَّة على سلطة الْأمة - وَاسْتَدَلُّوا بِهِ على الْإِجْمَاع - حَدِيث " لَا تَجْتَمِع أمتِي على ضَلَالَة - وَفِي لفظ لن تَجْتَمِع - وَفِي رِوَايَة زِيَادَة وَيَد الله على الْجَمَاعَة فَمن شَذَّ شَذَّ فِي النَّار " وَفِي أُخْرَى " سَأَلت رَبِّي أَلا تَجْتَمِع على ضَلَالَة وأعطانيها " وَهُوَ فِي مُسْند أَحْمد وجامع التِّرْمِذِيّ وَالْكَبِير للطبراني ومستدرك الْحَاكِم ...
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute