الموبقات؟ وأهم أَسبَاب هَذَا الضعْف أَن المشيخة لم تكن إِلَّا مصلحَة رسمية لم تعن فِي يَوْم من الْأَيَّام بشئ من خدمَة الدّين الروحية الَّتِي تجْعَل لَهَا سلطة معنوية فِي الشّعب الإسلامي فِي دَاخل المملكة وَلَا خَارِجهَا، ليَكُون لَهَا من قوته الدِّينِيَّة مَا تهابه الْحُكُومَة وتخشاه فتؤيد بِهِ نفوذها، ونفوذ الْخَلِيفَة الَّذِي ترك الْأُمُور الدِّينِيَّة والمصالح الإسلامية لَهَا. .
ضعف مَا عدا العسكرية فِي الدولة:
الْحق أَقُول إِن الدولة العثمانية، قد بَرحت بهَا الأدواء الاجتماعية، والدسائس والتعاليم الْأَجْنَبِيَّة، حَتَّى أوهنت جَمِيع قواها المادية والمعنوية، فَلم يبْق فِيهَا إِلَّا الْقُوَّة الحربية، المتمتعه بِشَيْء من النظام وَالسِّلَاح العصري، فَلَا يَسْتَطِيع أحد أَن يحدث فِيهَا انقلابا مَا إِلَّا بِقُوَّة الْجَيْش، عرف ذَلِك الاتحاديون فعملوا بِهِ مَا عمِلُوا، وأساءوا بِهِ حَتَّى قضوا على هَذِه السلطة (الإمبراطورية) وَصدق قَوْلنَا فيهم عِنْد سلب حزب الائتلاف السلطة مِنْهُم: " فَإِن عَادوا كرة ثَانِيَة، كَانَت هِيَ القاضية ". .
مَا نقترحه على التّرْك فِي مَسْأَلَة الْخلَافَة:
هَذَا وَإِن الله تَعَالَى قد وفْق هَذِه الْقُوَّة العسكرية الهادمة، بِمَا كَانَ من تِلْكَ السياسة الجاهلة الظالمة، إِلَى إنقاذ جلّ الْبِلَاد التركية، من براثن الدول الأوروبية، بعد أَن نشبت فِيهَا، وَكَاد يتم يأس الْعَالم كُله مِنْهُ، وألفوا حُكُومَة جمهورية تركية، قررت مَا قررت فِي مَسْأَلَة الْخلَافَة الإسلامية، فَالَّذِي نرَاهُ بعد طول الروية، وَالنَّظَر فِي الْمَسْأَلَة من الوجهتين الإسلامية والاجتماعية أَن مَا قرروه بادئ الرَّأْي يجب أَن يكون تدبيرا مؤقتا، لَا أمرا مبرما مُؤَبَّدًا، وَأَن تتْرك السلطة العسكرية أَمر الْحُكُومَة بعد الصُّلْح، إِلَى مجْلِس منتخب من الشّعب، ينتخبه بحريّة حَقِيقَة، لَا سيطرة عَلَيْهَا للحكومة وَلَا للجندية، وَأَن يتْرك أَمر الْخلَافَة إِلَى الشعوب الإسلامية كلهَا، والحكومات المستقلة وَشبه المستقلة مِنْهَا، وَأَن يؤلف لَهُ لجنة أَو جمعية مختلطة حرَّة مركزها الآستانة، تدرس كل مَا يَكْتُبهُ وَمَا يقترحه أهل الْعلم والرأي فِي الْمَسْأَلَة، وَيكون ذَلِك تمهيدا لعقد مؤتمر إسلامي يعْقد بعد الصُّلْح بِسنة أَو أَكثر من سنة. .