للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

إننا على علمنَا بِمَا ذكر كُله نود أَن يتعاون التّرْك وَالْعرب على إحْيَاء منصب الْخلَافَة، وَسَنذكر مَا يمتاز بِهِ التّرْك على الْعَرَب فِي هَذَا الْمقَام، ليعلم أَن كلا من الشعبين عَاجز بِانْفِرَادِهِ، قوى بأَخيه على النهوض بأعباء هَذَا الْإِصْلَاح الْعَظِيم، الجدير بِأَن يُغير نظام الْعَالم، وينقذ الشرق والغرب من الْهَلَاك. . وَمَا نقترحه من وَسَائِل التعاون والاتفاق خَاص بِمَا سيتقرر من الْخلَافَة الصَّحِيحَة الدائمة مَعَ السُّكُوت عَن التَّعَدُّد الْمَعْرُوف فِي الْحَال الْحَاضِرَة فِي الشعبين، وَذَلِكَ بِأَن يكون الَّذين يعلمُونَ ويربون ليشرحوا للانتخاب الشَّرْعِيّ بالشورى من بيوتات شرفاء قُرَيْش وسادتها، وَأَن تكفل الدولة التركية هَذَا الاستعداد وتشرف على جَمِيع شئونه حَتَّى لَا يكون للتنافس فِيهِ بَين الشعبين أدنى مجَال، بل حَتَّى يكون إحْيَاء هَذَا المنصب من أكبر أَسبَاب الِاتِّحَاد والتعاون بَينهمَا، وَإِذا شَاءَ التّرْك حِينَئِذٍ أَن يكون مقَام الْخَلِيفَة فِي بِلَادهمْ فعلى حزب الْإِصْلَاح أَن يقنع الْعَرَب بذلك، وَإِن كُنَّا نرى أَن الأجدر بِالْقبُولِ الْآن أَن يكون فِي منْطقَة وسطى بَين بِلَاد الشعبين، على مَا سنفصله بعد. .

وَالْقِسْمَة فِي مَسْأَلَة مقَام الْخَلِيفَة ثلاثية وَهِي إِمَّا أَن يكون فِي بِلَاد الْعَرَب أَو الْحجاز خَاصَّة وَإِمَّا فِي بِلَاد التّرْك أَو الآستانة خَاصَّة وَإِمَّا فِي منْطقَة وسطى مُشْتَركَة. .

جعل مَرْكَز الْخلَافَة فِي الْحجاز وموانعه:

قد علمنَا مِمَّا تقدم أَن بِلَاد الْعَرَب بل جزيرتهم بل الْحجاز مِنْهَا هُوَ أولى بِلَاد الْإِسْلَام بِأَن يكون موطن الْخلَافَة الإسلامية، ويزداد هَذَا ظهورا بِبَيَان الْإِصْلَاح الديني الَّذِي يجب على الْخَلِيفَة فِي هَذَا الْعَصْر، وَلَكِن فِي الْحجاز مَوَانِع تحول الْيَوْم دون إِمْكَان وجود الْخلَافَة الصَّحِيحَة الَّتِي يرجوها الْمُسلمُونَ فِيهِ حَتَّى فِي حَاله الْحَاضِرَة الَّتِي لَا يرضى أهل قطر إسلامي آخر مَعهَا أَن يكون تَابعا لَهُ فَكيف إِذا أُرِيد أَن يسوس بِلَاد الْعَرَب كلهَا أَو يدبر شئون غَيرهَا من الْبِلَاد الإسلامية؟ وَكَيف إِذا أُرِيد أَن يكون الْمثل الْأَعْلَى لأَفْضَل حُكُومَة لَا يُرْجَى إصْلَاح حَال الْبشر بِدُونِهَا - وإننا نذْكر المهم مِنْهَا - وَالْحَال هَذِه - وَهُوَ:

<<  <   >  >>