للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْمذَاهب الْمُدَوَّنَة فعدوا أَعمال عمر قَوَاعِد فِي الجزئيات كالخراج ومعاملة أهل الذِّمَّة وَهِي أَعمال اجتهادية تتبع الْمصلحَة. .

وَهَذَا الْعلم هُوَ الْمَادَّة لما ذكر فِي الشَّرْط الثَّالِث من الْحِكْمَة وجودة الرَّأْي. وَلم يشْتَرط قُوَّة العصبية فيهم لِأَن الْمَفْرُوض أَنهم أهل الْحل وَالْعقد الَّذين تعتمد عَلَيْهِم الْأمة فِي أمورها الْعَامَّة، وَأَن أَحْكَام الشَّرْع فِيهَا هِيَ الحاكمة والنافذة، وَأَن الْمُسلمين لَا يدينون إِلَّا بهَا، وَلَا يخضعون إِلَّا لمن ينفذها، وَأما التغلب بعصبية الْجِنْس فَلَيْسَ من هدى الْإِسْلَام فِي شَيْء، بل هُوَ خُرُوج عَن هدايته، وَحكمه فِيهِ سَيذكرُ بعد. .

فَعلم مِمَّا تقدم أَن لقب أهل الْحل وَالْعقد مُرَاد بِهِ معنى المصدرين فِيهِ بِالْقُوَّةِ وبالفعل وهم الرؤساء الَّذين تتبعهم الْأمة فِي أمورها الْعَامَّة، وأهمها نصب الإِمَام الْأَعْظَم وَكَذَا عَزله إِذا ثَبت عِنْدهم وجوب ذَلِك، وَمن يملك التَّوْلِيَة يملك الْعَزْل، كَمَا تقدم بَيَانه فِي مَسْأَلَة سلطة الْأمة، قَالَ إِمَام الْحَرَمَيْنِ فِي الإِمَام الَّذِي " جَار وَظهر ظلمه وغشمه وَلم يرعو لزاجر عَن سوء صَنِيعه: فلأهل الْحل وَالْعقد التواطؤ على ردعه وَلَو بِشَهْر السِّلَاح وَنصب الحروب " وَمن ظن أَن كل من يُوصف بِالْعلمِ والوجاهة تَنْعَقِد ببيعتهم الْإِمَامَة وَيجب على الْأمة اتباعهم فِيهَا فقد جهل معنى الْحل وَالْعقد وَمعنى الْجَمَاعَة وَالْإِجْمَاع، وَمَا تقدم من الْأَخْبَار والْآثَار، وَمن كَلَام الْمُحَقِّقين فِي الْمَسْأَلَة وَلَا سِيمَا شُرُوط أهل الِاخْتِيَار. .

الشُّرُوط الْمُعْتَبرَة فِي الْخَلِيفَة:

قَالَ السعد: وَقد ذكر فِي كتبنَا الْفِقْهِيَّة أَنه لابد للْأمة من إِمَام يحيى الدّين وَيُقِيم السّنة وينتصف للمظلومين ويستوفي الْحُقُوق ويضعها موَاضعهَا. وَيشْتَرط أَن يكون مُكَلّفا مُسلما عدلا حرا ذكرا مُجْتَهدا شجاعا ذَا رَأْي وكفاية سميعا بَصيرًا ناطقا قرشيا. . فَإِن لم يُوجد فِي قُرَيْش من

<<  <   >  >>