للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِالْحَقِّ والتواصي بِالصبرِ، وبالنصيحة لله وَلِرَسُولِهِ ولأئمة الْمُسلمين وعامتهم فَيرجع إِلَى رَأينَا من يُخَالِفهُ الْيَوْم كَمَا رجعُوا إِلَى رَأينَا فِي السُّلْطَان عبد الحميد ثمَّ فِي جميعة الِاتِّحَاد والترقي، وَالْعَاقبَة لِلْمُتقين.

كَرَاهَة غير الْمُسلمين لحكومة الْخلَافَة:

قد يَقُول قَائِل: إِن غير الْمُسلمين فِي الْبِلَاد الَّتِي تُوصَف بالإسلامية (نِسْبَة إِلَى السوَاد الْأَعْظَم من أَهلهَا) يكْرهُونَ أَن تؤسس حُكُومَة الْخلَافَة فِيهَا، وَلَا سِيمَا النَّصَارَى الَّذين يرَوْنَ أَن ضعف النّفُوذ والتشريع والآداب والتقاليد الإسلامية فِي كل بلد إسلامي إِنَّمَا يكون بِقُوَّة نُفُوذ الإفرنج وتشريعهم وآدابهم وتقاليدهم - وَكَذَا لغاتهم - وَبِذَلِك تكون مقومات الْأمة ومشخصاتها أقرب إِلَى النَّصْرَانِيَّة مِنْهَا إِلَى الْإِسْلَام، وَمن لم يُؤمن بالعقيدة النَّصْرَانِيَّة والوصايا الإنجيلية بمحبة الْأَعْدَاء وَكَرَاهَة الْغنى وإدارة الخد الْأَيْسَر لمن يضْربهُ على خَدّه الْأَيْمن فَإِنَّهُ قد يكون أَشد استمساكا بالنصرانية الاجتماعية السياسية من أقوى الْمُؤمنِينَ بالإنجيل إِيمَانًا. فَتلك النَّصْرَانِيَّة المزورة لتي تنْسب إِلَيْهَا المدنية المادية الأوربية هِيَ مثار التعصب وَالْكَرَاهَة لكل مَا هُوَ إسلامي، لَا نَصْرَانِيَّة الْإِنْجِيل الزاهدة المتواضعة الخاشعة ذَات الإيثار الَّذِي يسمونه " إِنْكَار الذَّات ".

وَإِذا كَانَ أمثالهم من متفرنجة الْمُسلمين يكْرهُونَ الْحُكُومَة الدِّينِيَّة ويعارضون فِي إحْيَاء منصب الْخلَافَة أَفلا يكون متفرنجة النَّصَارَى أولى؟ وَإِذا كَانَ الْأَمر كَذَلِك فَكيف نعود إِلَى تَجْدِيد حُكُومَة دينية يكرهها كثير من رعاياها وينفرون مِنْهَا؟

الْجَواب عَن هَذَا يحْتَاج إِلَى تَفْصِيل نكتفي بالضروري مِنْهُ فَنَقُول: إِذا صَحَّ مَا يعزي إِلَى من ذكر من أهل الوطن بِمُقْتَضى العاطفة وتأثير التربية، فَإِن من يمحص الْحَقِيقَة وَينظر إيها بِعَين الْمصلحَة سَوَاء كَانَ مِنْهُم أَو من غَيرهم فَإِنَّهُ يحكم فِيهَا حكما آخر.

<<  <   >  >>