مَقَاصِد النَّاس فِي الْخلَافَة وَمَا يجب على حزب الْإِصْلَاح:
الْأُمُور بمقاصدها - ومقاصد النَّاس فِي الْخلَافَة مُخْتَلفَة وقلما يقْصد أحد مِنْهُم إِقَامَة الْخلَافَة الصَّحِيحَة الشَّرْعِيَّة الَّتِي بَينا حَقِيقَتهَا وأحكامها، ذَلِك بِأَن أَكْثَرهم لَا يَعْقِلهَا، وَمن يَعْقِلهَا من غير الْأَكْثَرين يظنون إِقَامَتهَا متعذرة، وَأَنه لَا مندوحة عَن الرضى بخلافة الضَّرُورَة، الَّتِي لاتراعي فِيهَا جَمِيع الشُّرُوط الشَّرْعِيَّة، وَلَا جَمِيع مَا يجب على الْخَلِيفَة وَالْجَمَاعَة، ثمَّ هم يَخْتَلِفُونَ فِي حد هَذِه الضَّرُورَة لاتساع مجَال الرَّأْي والهوى فِيهِ، حَتَّى لَا يبْقى بَينهم وَبَين من لَا يعْرفُونَ حَقِيقَة هَذَا المنصب ومنافعه كَبِير فرق، وَلَو عرفهَا السوَاد الْأَعْظَم لتمنوها، وَلَو وضع نظام لإقامتها ودعوا إِلَيْهِ لأجابوا، وبذلوا فِي سَبيله مَا اسْتَطَاعُوا. .
باحثت كثيرا من خَواص المصريين المعممين وَغير المعممين فِي هَذِه الْمَسْأَلَة فألفيتهم متفقين على أَن الْقَصْد من تأييد الْخلَافَة الجديدة الَّتِي ابتدعتها حُكُومَة أنقرة الجمهورية فِي الآستانة تخذيل الدولة البريطانية فِي دسائسها الَّتِي ترمى بهَا إِلَى جعل هَذَا المنصب الإسلامي الرفيع آلَة فِي يَدهَا فِيمَا كَانَت تسْعَى إِلَيْهِ من اصطناع الْملك حُسَيْن فِي مَكَّة وَالسُّلْطَان وحيد الدّين فِي الآستانة وَمَا آل إِلَيْهِ سعيها من الْجَمِيع بَينهمَا بعد تهريبها الثَّانِي إِلَى مالطة، وَلم يقْصد أحد من المصريين بتأييد الْخَلِيفَة الْجَدِيد بالتهنئة وَلَا الْمُبَايعَة أَن يكون لَهُ على بِلَادهمْ حق إِمَام الْمُسلمين الْأَعْظَم على الْأمة من كَون حكومتهم تَابِعَة لَهُ وخاضعة لسلطانه فِيمَا يرى فِيهِ الْمصلحَة من نصب أمرائها وحكامها وعزلهم وجباية المَال وَأخذ الْجند للْجِهَاد وَغير ذَلِك من وظائف الْخلَافَة الَّتِي ذكرهَا عُلَمَاء الْإِسْلَام، وَهَذَا كَمَا ترى غَرَض سياسي فَائِدَته سلبية والباعث عَلَيْهِ الشُّعُور الإسلامي الْعَام، الَّذِي وَلَده الضغط الْأَجْنَبِيّ، ومحاولة هَذِه الدولة لاستعباد الشعوب الإسلامية الَّتِي بَقِي لَهَا بَقِيَّة من الِاسْتِقْلَال وَلَا سِيمَا التّرْك وَالْعرب، وَهُوَ لَا يتَوَقَّف على وجود الْخلَافَة الصَّحِيحَة وَلَا الإِمَام الْحق وَالْجَمَاعَة، بل هُوَ من قبيل المظاهرة السياسية للزعيم السياسي (سعد باشا زغلول) بل دونهَا قُوَّة، لأجل هَذَا لَا يبالون بِشُرُوط هَذِه الْخلَافَة وأعمالها، وَمثلهمْ فِي ذَلِك سَائِر مُسْلِمِي إفريقية وأمثالهم من المستذلين للأجانب، على أَن هَؤُلَاءِ يتمنون لَو يكونُونَ