" أصل من أصُول الْإِسْلَام انْتقل إِلَيْهِ، وَمَا أَجله من أصل، قلب السلطة الدِّينِيَّة والإتيان عَلَيْهَا من أساسها، هدم الْإِسْلَام بِنَاء تِلْكَ السلطة ومحا أَثَرهَا حَتَّى لم يبْق لَهَا عِنْد الْجُمْهُور من أَهله اسْم وَلَا رسم. . لم يدع الْإِسْلَام لأحد بعد الله وَرَسُوله سُلْطَانا على عقيدة أحد وَلَا سيطرة على إيمَانه. . على أَن رَسُول الله عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ مبلغا ومذكرا، لَا مهيمنا وَلَا مسيطرا: قَالَ الله تَعَالَى {فَذكر إِنَّمَا أَنْت مُذَكّر، لست عَلَيْهِم بمسيَطر} وَلم يَجْعَل لأحد من أَهله أَن يحل وَلَا أَن يرْبط لَا فِي الأَرْض وَلَا فِي السَّمَاء بل الْإِيمَان يعْتق الْمُؤمن من كل رَقِيب عَلَيْهِ فِيمَا بَينه وَبَين الله سوى الله وَحده، وَيَرْفَعهُ عَن كل رق إِلَّا الْعُبُودِيَّة لله وَحده، وَلَيْسَ لمُسلم مهما علا كَعبه فِي الْإِسْلَام على آخر مهما انحطت مَنْزِلَته فِيهِ إِلَّا حق النَّصِيحَة والإرشاد. قَالَ تَعَالَى فِي وصف الناجين:{وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصبرِ} وَقَالَ: {ولتكن مِنْكُم أمة يدعونَ إِلَى الْخَيْر ويأمرون بِالْمَعْرُوفِ وَينْهَوْنَ عَن الْمُنكر وَأُولَئِكَ هم المفلحون} وَقَالَ: {فلولا نفر من كل فرقة مِنْهُم طَائِفَة ليتفقهوا فِي الدّين ولينذروا قَومهمْ إِذا رجعُوا إِلَيْهِم لَعَلَّهُم يحذرون} فالمسلمون يتناصحون ثمَّ هم يُقِيمُونَ أمة تَدْعُو إِلَى الْخَيْر وهم المراقبون عَلَيْهَا يردونها إِلَى السَّبِيل السوى إِذا انحرفت عَنهُ. . وَتلك الْأمة لَيْسَ لَهَا فيهم إِلَّا الدعْوَة التَّذْكِير، والإنذار والتحذير وَلَا يجوز لَهَا وَلَا لأحد من النَّاس أَن يتتبع عَورَة أحد. . وَلَا يسوغ لقوي وَلَا لضغيف أَن يتجسس على عقيدة أحد، وَلَيْسَ يجب على مُسلم أَن يَأْخُذ عقيدته أَو يتلَقَّى أصُول مَا يعْمل بِهِ عَن أحد إِلَّا عَن كتاب الله وَسنة رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] . . لكل مُسلم أَن يفهم عَن الله من كتاب الله وَعَن رَسُوله من كَلَام رَسُوله بِدُونِ توسيط أحد من سلف وَلَا خلف وَإِنَّمَا يجب عَلَيْهِ قبل ذَلِك