للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إِنَّمَا يلْزم على رفع الْبِدْعَة الَّتِي وضعت فِي زماني، وَلَا يلْزم على رفع الْبِدْعَة الَّتِي وضعت قبل زماني، فَهَذَا الْعذر لَا يقبل من الْملك، بل يُعَاقب الْملك على جَمِيع ذَلِك، إِذا قدر على مَنعه، وَلم يمْنَع كُله، لِأَن الْملك كَالرَّاعِي، والرعية كثلة الْغنم، يجب على الرَّاعِي أَن يحفظ تِلْكَ الثلَّة من شَرّ الْأسد، وَالذِّئْب، وَسَائِر السبَاع جَمِيعًا، فَإِن وجد الرَّاعِي بَين الثلَّة كَبْشًا ذَا قرن تعدى على من لَا قرن لَهُ، يجب على ذَلِك الرَّاعِي أَن يمْنَع ضَرَر صَاحب الْقرن عَمَّن لَا قرن لَهَا. // (الوافر) //.

(وراعي الشَّاة يحمي الذِّئْب عَنْهَا ... فَكيف إِذا الرُّعَاة لَهُم ذئاب؟)

مثلا: الْكفَّار والظلمة ذئاب ثلة الْإِسْلَام، يجب على الْمُلُوك والسلاطين الَّذين هم رُعَاة ثلة الْإِسْلَام، أَن يمنعوا شَرّ الْكفَّار والظالمين من ثلة الْإِسْلَام، وَعَن الرعايا جَمِيعًا، فَإِذا لم يمْنَع الْمُلُوك شَرّ الْكفَّار، وَشر قطاع الطَّرِيق، وَشر الظَّالِمين، والمفسدين، عَن الرّعية، يحرم على الْمُلُوك مَا أكلُوا من تِلْكَ الْولَايَة، وَمن تِلْكَ الرّعية، لِأَن الْمُلُوك حِينَئِذٍ لم يحفظوا الرّعية كَمَا يجب حفظهَا، وَيُحَاسب الله تَعَالَى الْمُلُوك، والسلاطين على ذَلِك، كَمَا قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " أَلا كلكُمْ رَاع وكلكم مسئول عَن رَعيته، فالإمام الَّذِي على النَّاس رَاع، وَهُوَ مسئول عَن رَعيته، الرجل رَاع على أَهله بَيته، وَهُوَ مسئول عَن رَعيته، وَالْمَرْأَة راعية على بَيت زَوجهَا وَولده، وَهِي مسئولة عَنْهُم، وَعبد الرجل رَاع على مَال سَيّده، وَهُوَ مسئول عَنهُ، أَلا وكلكم رَاع وكلكم مسئول عَن رَعيته ".

<<  <   >  >>