للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هَذَا زمَان السُّفَهَاء والأشقياء، وَإِذا كَانَ السُّلْطَان - وَالْعِيَاذ بِاللَّه - بَينهم ضَعِيفا، أَو كَانَ غير ذِي سياسة وهيبة، فَلَا شكّ أَن ذَلِك يكون سَبَب خراب الْبِلَاد، وَأَن الْخلَل يعود على الدّين وَالدُّنْيَا، وَلم يكن لذَلِك السُّلْطَان فِي أعين النَّاس خطر، وَلَا يسمعُونَ كَلَامه، وَلَا يطيعون أمره، وَيكون الْخلق عَلَيْهِ ساخطين. اعْلَم أَن من أكمل شَرَائِط الوزارة أَن يسْعَى الْوَزير باستزادة الدَّعْوَات الصَّالِحَات، واستزادة الْخيرَات والصلات وَيسْعَى فِي استراحة الرّعية فِي إِجْرَاء أَحْكَام الشَّرِيعَة، وإجراء الْوُقُوف مصارفها، على الشُّرُوط الَّتِي شَرطهَا الواقفون فِي المبرات، ويوصل الصَّدقَات والصلات إِلَى الصادرين من الْأَئِمَّة وَالْعُلَمَاء، والفقراء والسادات، والزهاد، والعباد، وَأهل التصوف، والصلحاء، وَغَيرهم ليزِيد المملكة ويستديم السلطنة ببركة دُعَائِهِمْ فِي الدُّنْيَا، وَفِي الْآخِرَة يرفع درجاته وقربته إِلَى الله تَعَالَى.

وَيَنْبَغِي للوزير أَن تكون خيراته أَزِيد من خيرات الْأَمِير، وَيكون بَابه مَفْتُوحًا لأرباب الْحَوَائِج، وَلَا يكون خلقه سَيِّئًا، وَلَا قلبه ضيقا، وَلَا يكون متكبرا على خلق الله تَعَالَى، وَتَكون معاشرته مَعَ الْخَلَائق بالرأفة، وَالرَّحْمَة، والأخلاق الْحَسَنَة، وَالْإِكْرَام، والإعزاز، بِأَن يرحم الصغار، ويوقر الْكِبَار، ويبجل الْعلمَاء، كَمَا قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " من لم يرحم صَغِيرنَا، وَلم يوقر كَبِيرنَا، وَلم يبجل عالمنا، فَلَيْسَ منا ".

<<  <   >  >>