كَمَا قَالَ الشَّاعِر: // (الوافر) //
(إِذا مَا اللَّحْم أنتن ملحوه ... ونتن الْملح لَيْسَ لَهُ دَوَاء)
ثمَّ قَالَ الْأَحْنَف لمعاوية: " اجْعَل الْعدْل لنَفسك جنَّة، لكَي تخلص عَن عتاب الله تَعَالَى، وَتدْخل جنته ". كَمَا قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: " الْعدْل جنَّة واقية، وجنة بَاقِيَة ". حِكَايَة: يحْكى أَن فِي زمَان الْملك الْعَادِل صَاحب بن عباد أخبر أَن فلَانا التَّاجِر مَاتَ، وَترك مَالا عَظِيما، ووارثوه أَطْفَال، أعْطى كِفَايَة أطفاله من النَّفَقَة، وَوضع الْبَاقِي فِي بَيت مَال الْمُسلمين، فَكتب إِلَى الْمخبر بذلك: " الْمَيِّت رَحمَه الله، وَالْمَال وَرثهُ الله، وَالْوَارِث رزقه الله، والساعي لَعنه الله " ... وَالله الْمُوفق للصَّوَاب. وَأما أَحْوَال الْإِمَامَة: فَيَنْبَغِي للملوك أَن تكون أَحْوَالهم وسيرتهم بَين الرّعية على مُقْتَضى الْآيَة والْحَدِيث: أما الحَدِيث: فَقَوله عَلَيْهِ السَّلَام: " إِن أفضل عباد الله عِنْد الله منزلَة يَوْم الْقِيَامَة إِمَام عَادل رَفِيق، وَإِن شَرّ عباد الله عِنْد الله منزلَة يَوْم الْقِيَامَة إِمَام جَائِر خرق ". وَأما الْآيَة: فَقَوله تَعَالَى: {إِن الله يَأْمر بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَان وإيتاء ذِي الْقُرْبَى وَينْهى عَن الْفَحْشَاء وَالْمُنكر وَالْبَغي يعظكم لَعَلَّكُمْ تذكرُونَ} (النَّحْل: ٩٠) . اعْلَم أَن للملوك ثَلَاثَة أَحْوَال: الأول مِنْهَا مَعَ أنفسهم.
وَالثَّانِي: بَينهم وَبَين الرّعية وَالثَّالِث بَينهم وَبَين الله تَعَالَى، وَأَن الْمُلُوك فِي كل وَاحِد من هَذِه الْأَحْوَال الثَّلَاثَة مأمورون بِثَلَاثَة، ومنهيون عَن ثَلَاثَة: مأمورون: بِالْعَدْلِ، وَالْإِحْسَان، وإيتاء ذِي الْقُرْبَى.
ومنهيون: عَن الْفَحْشَاء، وَالْمُنكر، وَالْبَغي، كَمَا نطق فِي الْآيَة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute